القرآن الكريم المصحف الإلكتروني إذاعات القرآن صوتيات القرآن أوقات الصلاة فهرس الموقع

حقُّ الزوج

قال تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} النساء:٣٤[[١]].

[١] من أسباب قوامة الرجل على المرأة النفقة، فإذا أصبحت المرأة هي التي تعمل وتُطالَب بالنفقة على البيت، والزوج، والأبناء ـ كما هو حاصل في هذا الزمان ـ فإن قوامة الرجل ستنقص، وسيجد صعوبة ومشاكل كثيرة عندما يمارسها على أهله أو يُطالِب بها ..!

وقال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} الروم:٢١.

وقال تعالى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} البقرة:٢٢٣.

وفي الحديث، عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله "صلى الله عليه وسلم": "كلُّ نفسٍ من بني آدمَ سيِّدٌ؛ فالرَّجُلُ سيِّدُ أهله، والمرأةُ سيِّدةُ بيتها"[[٢]].

[٢] صحيح الجامع: ٤٥٦٥.

وعن ابن عمر، عن النبي "صلى الله عليه وسلم"، قال: "كلُّكم راعٍ وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيته، والأميرُ راعٍ، والرجلُ راعٍ على أهلِ بيته، والمرأة راعيةٌ على بيتِ زوجِها وولده[[٣]]، فكلُّكم راعٍ وكلكم مسؤولٌ عن رعيَّته" متفق عليه.

[٣] فيه أن على المرأة خدمة زوجها وولده وبيته، وليس كما يقول بعضهم: أن ذلك ليس من الواجب عليها .. لكن هذا كله ضمن حدود الطاقة والمقدور عليه.

وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم": "إذا صلَّت المرأةُ خَمسَها[[٤]]، وصامَت شهرَها، وحَصَّنت فرجَها، وأطاعَت زوجَها، قيل لها: ادخلي الجنَّةَ من أيِّ أبوابِ الجنَّةِ شِئتِ"[[٥]].

[٤] أي صلوات الخمس المكتوبة، وأدتها بشروطها وأركانها. " وصامت شهرها"؛ أي شهر رمضان.

[٥] رواه ابن حبان في صحيحه، صحيح الجامع: ٦٦٠.

وعنه، قال: قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم": "خيُر النساءِ التي تَسرُّهُ إذا نظَر، وتُطيعُه إذا أمَرَ، ولا تُخالِفُه في نفسِها ولا مالها بما يكره"[[٦]].

[٦] رواه أحمد، والنسائي ، والحاكم، صحيح الجامع: ٣٢٩٨.

وعن كعب بن عجرة، قال: قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم": "ألا أُخبركُم بنسائِكم من أهل الجنَّةِ؟ الودودُ، العؤود[[٧]]؛ التي إذا ظُلِمت قالت: هذه يدي في يدِك، لا أذوقُ غمضاً[[٨]]، حتى تَرضى"[[٩]].

[٧] أي سريعة الرضى، فتعود لارضاء زوجها.

[٨] أي لا تذوق نوماً ولا راحة.

[٩] رواه الطبراني، صحيح الجامع: ٢٦٠٤.

وفي رواية، قال "صلى الله عليه وسلم": "ألا أخبركم بنسائكم في الجنَّة؟ كل ودودٍ ولودٍ، إذا غضبت أو أُسيء إليها، أو غضبَ زوجها، قالت: هذه يدي في يدِكَ؛ لا أكتحِلُ بغمضٍ حتى ترضى"[[١٠]].

[١٠] أخرجه الطبراني وغيره، السلسلة الصحيحة: ٣٣٨٠. " لا أكتحل بغمضٍ"؛ أي لا أستريح ولا أريح عيني بنومٍ حتى ترضى.

وعن أبي أُذينة الصدفي، أن رسولَ الله "صلى الله عليه وسلم" قال: "خير نسائكم الودود الولود، المواتية[[١١]] المواسية، إذا اتقينَ الله، وشرُّ نسائكم المتبرِّجات المتخيلات، وهنَّ المنافقات، لا يدخلُ الجنة مِنهنّ إلا مثلُ الغراب الأعصَم"[[١٢]].

[١١] أي الموافقة المطيعة له في المعروف التي لا تُكثر من مجادلته ومخالفته .. ولأتفه سبب!

[١٢] أخرجه البيهقي في السنن، السلسلة الصحيحة: ١٨٤٩. والغراب الأعصم؛ هو الغراب أحمر المنقار والرجلين، وهو قليل ونادر بين الغربان، وفي ذلك كناية على قلة من يدخل الجنة من النساء ممن يتصفن بما تقدم ذكره عن شرار نساء المسلمين!

وعن طلق بن علي، قال: قال رسولُ الله "صلى الله عليه وسلم": "إذا دعا الرَّجُلُ زوجتَهُ لحاجته فلْتأتِه، وإن كانت على التنُّورِ[[١٣]]"[[١٤]].

[١٣] التنور: هو الفرن الذي يخبز عليه.

[١٤] رواه النسائي، والترمذي، صحيح الجامع: ٥٣٤.

عن معاذ، قال: قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم": "لو تعلمُ المرأةُ حقَّ الزوجِ، لم تقعد ما حضرَ غداؤهُ وعشاؤه، حتى يَفرغَ منه"[[١]].

[١] رواه الطبراني، صحيحالجامع: ٥٢٥٩.

وعن أبي سعيدٍ، قال: قال رسولُ الله "صلى الله عليه وسلم": "حقُّ الزوجِ على زوجتهِ أن لو كانت به قرحةٌ[[٢]]، فلحَسَتها ما أدَّت حقَّهُ"[[٣]].

[٢] المراد هنا بيان فضل الزوج وعظم حقه .. لا الفعل ذاته؛ لأنه فوق المقدور عليه؛ والإسلام لا يُكلف نفساً مالا تُطيق ولا تقدر عليه.

[٣] رواه الحاكم، صحيح الجامع: ٣١٤٨.

وعن أنسٍ، قال: قال رسولُ الله "صلى الله عليه وسلم": "لا يَصلُحُ لبشرٍ أن يَسجُدَ لبشرٍ، ولو صَلُحَ أن يسجدَ بشرٌ لبشرٍ لأمرتُ المرأةَ أن تَسجدَ لزوجها؛ من عِظَمِ حقِّهِ عليها، والذي نفسي بيده، لو أنَّ من قَدمِه إلى مَفرقِ رأسِه قُرحةً تنبجِسُ[[٤]] بالقيحِ والصَّديد، ثم أقبلت تَلحسَهُ ما أدَّت حقَّه [[٥]]"[[٦]].

[٤] أي تنفجر بالقيح.

[٥] رغم كل ذلك يأتي من يقول: ليس من حق الزوج على زوجته أن تخدمه ..!!

[٦] رواه أحمد، والنسائي، صحيح الجامع: ٧٧٢٥.

وعن زيد بن أرقم، أن معاذاً قال: يا رسولَ الله أرأيتَ أهلَ الكتاب يسجدون لأساقفتهم وبطارقتهم، أفلا نسجد لك؟ قال: "لو كنت آمراً أحداً أن يسجدَ لأحدٍ لأمرتُ المرأةَ أن تسجدَ لزوجها، ولا تؤدي المرأةُ حقَّ زوجها حتى لو سألها نفسها على قَتَبٍ لأعطته"[[٧]].

[٧] أخرجه الطبراني في المعجم الكبير، السلسلة الصحيحة: ٣٣٦٦. وقوله " على قتب"؛ أي على ظهر بعير، قال ابن الأثير في النهاية: "ومعناه الحث لهن على مطاوعة أزواجهنَّ، وأنه لا يسعهن الامتناع في هذه الحال، فكيف في غيرها " ا- هـ.

وفي رواية عنه، قال "صلى الله عليه وسلم": "لو أمرتُ أحداً أن يسجدَ لأحدٍ؛ لأمرتُ المرأةَ أن تسجُدَ لزوجها؛ مِن عِظَمِ حقِّه عليها، ولا تجدُ امرأةٌ حلاوةَ الإيمان؛ حتى تؤدِّيَ حقَّ زوجِها، ولو سألها نفسَها وهي على ظهرِ قَتَبٍ"[[٨]].

[٨] أخرجه الحاكم، صحيح الترغيب والترهيب: ١٩٣٨.

وعن عبد الله بن أبي أوفى، قال: قال رسولُ الله "صلى الله عليه وسلم": "والذي نفسُ محمدٍ بيده، لا تُؤدي المرأةُ حقَّ رَبها حتى تُؤدِّي حَقَّ زوجِها كُلَّه"[[٩]].

[٩] رواه أحمد، وابن ماجه، وابن حبان في صحيحه، صحيح الجامع: ٥٢٩٥.

وعن حُصين بن مُحصن، قال: حدثتني عمتي قالت: أتيت رسولَ الله "صلى الله عليه وسلم" في بعض الحاجة، فقال: "أي هذه أذاتُ بعلٍ؟[[١٠]]". قلت: نعم، قال: "كيف أنتِ له؟" قالت: ما آلوه[[١١]]، إلا ماعجزت عنه، قال: "فانظري أين أنت منه؛ فإنما هو جنَّتُكِ ونارُكِ[[١٢]]"[[١٣]].

[١٠] أي هل عندك زوج؟

[١١] أي لا أقصر في خدمته وطاعته، إلا ما ضعفت عنه فلا أستطيع القيام به.

[١٢] أي برضاه عليك تنالين الجنة، وبغضبه وسخطه عليك تدخلين نار جهنم، فاحرصي على رضاه!

[١٣] رواه الطبراني في الأوسط، والحاكم، صحيح الجامع: ١٥٠٩. وهو مخرج في آداب الزفاف للشيخ ناصر.

وعن أبي سعيدٍ الخدري، قال: أتى رجلٌ بابنته إلى رسولِ الله "صلى الله عليه وسلم"، فقال: إن ابنتي هذه أبت أن تتزوَّجَ، فقال لها رسولُ الله "صلى الله عليه وسلم": "أطيعي أباكِ"، فقالت: والذي بعثكَ بالحق لا أتزوَّجُ حتى تُخبرني ما حقُّ الزَّوج على زوجَتِه؟ قال: "حقُّ الزوج على زوجتِه؛ لو كانت به قُرحةٌ فلحستها، أو انتثرَ مِنخَراه صَديداً أو دماً ثمَّ ابتلعتهُ ما أدَّت حقَّه". قالت: والذي بعثك بالحق لا أتزوَّجُ أبداً، فقال "صلى الله عليه وسلم": "لا تُنكِحوهنَّ إلا بإذنهنَّ"[[١٤]].

[١٤] رواه البزار، وابن حبان، صحيح الترغيب والترهيب: ١٩٣٤. كما ذكرنا من قبل: المراد هنا بيان فضل وعِظَم حق الزوج .. ليس الفعل ذاته؛ أي أن المرأة مهما حرصت لا تستطيع أن تؤديه حقه، فكما أن هي لا تستطيع أن تلحس لو كان به قرحة ... فكذلك هي لا تستطيع أن توفي حقَّه لعِظم حقه عليها. وقوله "لا تُنكِحوهنَّ إلا بإذنهنَّ"؛ فيه أن إذن ورضى المرأة شرط لصحة عقد النكاح.

عن ابن عباس، قال: قال النبي "صلى الله عليه وسلم": "أُرِيتُ النارَ، فإذا أكثرُ أهلها النساء؛ يَكْفُرْن"، قيل: أيكفُرنَ بالله؟! قال: "يَكفُرْنَ العَشِيَر[[١]]، ويكفُرن الإحسانَ[[٢]]؛ لو أحسنتَ إلى إحداهنَّ الدهرَ ثم رأت منك شيئاً[[٣]]، قالت: ما رأيتُ منك خيراً قط"[[٤]].

[١] العشير؛ أي الزوج.

[٢] أي ينكرن المعروف، وإحسان الزوج لهن.

[٣] تكرهه ولا ترضاه.

[٤] رواه البخاري. وفي الحديث: أن الكفر نوعان: منه ما يخرج صاحبه من الملة، ومنه ما لا يخرج من الملة؛ وهو كفر النعمة والإحسان.

وعن أسماء ابنة يزيد الأنصاريَّة، قالت: مرَّ بي النبيُّ "صلى الله عليه وسلم" وأنا في جَوارٍ أترابٍ لي، فسلَّم علينا، وقال: "إياكنَّ وكفرَ المُنعَّمين!" فقلتُ: يا رسولَ الله وما كفرُ المنعَّمين؟ قال: "لعلَّ إحداكنَّ تطولُ أيمَتُها من أبويها، ثم يرزقها اللهُ زوجاً، ويرزقها منه ولَداً، فتغضبُ الغضبةَ فتَكْفر؛ فتقول: ما رأيتُ منكَ خيراً قطُّ"[[٥]].

[٥] أخرجه البخاري في الأدب المفرد، السلسلة الصحيحة: ٨٢٣. وقوله " تطولُ أيمَتُها"؛ أي يطول فراقها للحياة الزوجية بسبب وفاة زوجها، أو الطلاق منه، فالمرأة الأيم هي المرأة المطلقة، أو الأرملة التي مات زوجها. وقولها " في جَوارٍ أترابٍ لي"؛ أي أعمارهن من عمري.

وعن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم": "لا ينظرُ الله إلى امرأة لا تَشكُر لزوجِها[[٦]]، وهي لا تَستغني عنه"[[٧]].

[٦] أي فضله وإحسانه عليها.

[٧] رواه النسائي، السلسلة الصحيحة: ٢٨٩.

وعن أبي هريرة، قال: "إذا دعا الرجلُ امرأتَهُ إلى فراشه فأبت، فبات غَضبانَ عليها؛ لعنتها الملائكةُ حتى تُصبحَ" متفق عليه.

وعنه، قال: قال رسولُ الله "صلى الله عليه وسلم": "والذي نفسي بيده، ما من رجل يدعو امرأتَهُ إلى فراشه فتأبى عليه[[٨]]؛ إلا كان الذي في السماءِ ساخِطاً عليها، حتى يرضى عنها[[٩]]".

[٨] أي تأبى عليه من غير عذر معتبر؛ كالمرض ونحوه كأن تكون حائضاً أو نافساً.

[٩] الضمير هنا عائد إلى الزوج، والحديث: رواه مسلم. وقوله: "كان الذي في السماء ساخطاً عليها"؛ فيه أن الله في السماء مستوٍ على عرشه، بائنٌ عن خلقه، وليس كما يقول ناكري صفة العلو والإستواء على العرش: إن الله في كل مكان!! تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً.

وعن طَلق بن علي، قال: قال رسولُ الله "صلى الله عليه وسلم": "إذا دعا الرجلُ زوجتَهُ لحاجته فلتأتِه، وإن كانت على التنُّور"[[١٠]].

[١٠] التنور: هو الفرن الذي يُخبز فيه. والحديث: أخرجه النسائي، والترمذي، صحيح الجامع: ٥٣٤.

وعن ابن عمر، قال: قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم": "اثنان لا تجاوز صلاتُهما رؤوسَهما: عبدٌ آبِقٌ من مواليه حتى يرجِعَ، وامرأةٌ عصَت زوجَها حتى ترجِعَ"[[١١]].

[١١] رواه الحاكم في المستدرك، صحيح الجامع: ١٣٦.

وعن فُضالة بن عُبيد، قال: قال رسولُ الله "صلى الله عليه وسلم": "ثلاثةٌ لا تَسأل عنهم: رجلٌ فارقَ الجماعةَ وعصى إمامَه، وماتَ عاصياً، وأمَةٌ أو عبدٌ أبِقَ من سيِّدهِ فماتَ، وامرأة غاب عنها زوجها وقد كفاها مؤنَة الدنيا فتبرَّجَت بعده[[١٢]]، فلا تسأل عنهم[[١٣]]"[[١٤]].

[١٢] أي لبست الثياب الفاضحة الكاشفة لعوراتها، وأظهرت نفسها للأجانب عليها. وإذا كان هذا حال من تتبرج في غياب زوجها، فما يكون القول فيمن تتبرج وتتزين للناس في حضور زوجها؟!

[١٣] أي لا تسأل عن درجة هلكتهم .. وكم لهم من العذاب يوم القيامة.

[١٤] رواه الطبراني والحاكم، صحيح الجامع: ٣٠٥٨.

وعن سعد، قال: قال رسولُ الله "صلى الله عليه وسلم": "ثلاثةٌ من السَّعادةِ، وثلاثةٌ من الشَّقاءِ؛ فمن السعادةِ: المرأةُ الصالحةُ؛ تراها فتُعجِبُكَ، وتغيبُ عنها فتأمنَها على نفسها ومالِك. ومن الشَّقاء: المرأةُ تراها فتسوؤكَ، وتحملُ لسانها عليكَ[[١٥]]، وإن غِبتَ عنها لم تأمَنها على نفسِها ومالِكَ"[[١٦]].

[١٥] بالشتم والسب والكلام البذيء!

[١٦] رواه الحاكم، صحيح الجامع: ٣٠٥٦.

وعن معاذ بن جبل، قال: قال رسولُ الله "صلى الله عليه وسلم": "لا تؤذي امرأةٌ زوجَها في الدنيا، إلا قالت زوجتُه من الحور العين: لا تُؤذيه قاتلكِ اللهُ، فإنما هو عندك دخيلٌ[[١٧]]، يُوشِكُ أن يُفارقَكِ إلينا"[[١٨]].

[١٧] أي هو بمثابة الضيف النزيل عندك، فسرعان ما سيفارقك إلينا.

[١٨] رواه أحمد والترمذي، صحيح الجامع: ٧١٩٢.

وعن أبي أُمامة، قال: قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم": "ثلاثةٌ لا تُجاوز صلاتُهم آذانَهم: العبدُ الآبِقُ حتى يرجِعَ، وامرأةٌ باتت وزوجُها عليها ساخِطٌ، وإمِامُ قومٍ وهم له كارهون"[[١٩]].

[١٩] رواه الترمذي، صحيح الجامع: ٣٠٥٧.

وعن ثوبان، قال: قال رسولُ الله "صلى الله عليه وسلم": "أيما امرأةٍ سألت زوجَها الطلاقَ من غير بأسٍ[[٢٠]]، فحرامٌ عليها رائحةُ الجنَّةِ"[[٢١]].

[٢٠] أي من غير ضرورة أو سبب يستدعي طلب الطلاق.

[٢١] لما في طلب الطلاق من غير سبب يستدعي ذلك من أذى وضرر للزوج. والحديث: رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، صحيح الجامع: ٢٧٠٦.

وعن عائشة، قالت: "أيُّما امرأةٍ وضعت ثيابَها في غير بيتِ زوجها[[٢٢]]، فقد هتكت سِترَ ما بينها وبين الله "سبحانه وتعالى" "[[٢٣]].

[٢٢] يُراد بوضع الثياب هنا؛ كل وضعٍ يؤدي إلى كشف مالا يجوز للمرأة أن تكشفه للرجال أو النساء سواء؛ من ذلك ـ كما هو شائع ـ أن تضع ثيابها في المحلات التجارية المخصصة لبيع الأزياء النسائية، لغرض قياس ما تريد شراءه من الثياب، وبخاصة أن هذه المحلات مليئة بالكاميرات الخفية ـ وهي أصغر من زر القميص ـ التي تصور كل حركة في المحل .. وكل شيء .. ويطلع عليها الرجال من وراء مقاعدهم بحجة مراقبة الزبائن ومنعهم من السرقة

فعلى النساء أن ينتبهن لأنفسهن ولا يغرهن قول الآخرين لهن بأن هذه الغرف مخصصة لتغيير الثياب وهي خاصة بالنساء .. وعورة المرأة على الرجال الأجانب كل بدنها عدا وجهها وكفيها، وعورة المرأة على المرأة وعلى محارمها من الذكور كل بدنها عدا مواضع الزينة المعروفة عند العرب والمسلمين

كما قال تعالى: {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْأِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} النور:٣١

وقوله " هتكت سِترَ ما بينها وبين الله"؛ أي كشفت حجابها، ونقضت ستر الله لها .. ولو تعرضت للأذى بعد ذلك فلا تلومَنَّ إلا نفسها.

[٢٣] رواه أحمد، وابن ماجه، والحاكم في المستدرك، صحيح الجامع: ٢٧١٠.

وعن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله "صلى الله عليه وسلم": "ليس مِنَّا من خبَّبَ[[٢٤]] امرأةً على زوجِها، أو عبداً على سيده"[[٢٥]].

[٢٤] أي أفسد امرأةً على زوجها، وحرَّضها على التمرد والعصيان عليه .. كما يفعل دعاة حقوق المرأة وحريتها ـ زعموا! ـ، ولو سموا أنفسَهم بدعاة تخريب بيت المرأة وتدميره لكان أدق وأصوب!

[٢٥] صحيح سنن أبي داود: ١٩٠٦.

وعن جابر بن عبد الله، عن النبيِّ "صلى الله عليه وسلم": "إن إبليس يضع عرشَهُ على الماء ـ وفي رواية: البحر ـ، ثم يبعث سراياه؛ فأدناهم منه منزلةً أعظمهم فتنةً، يجيءُ أحدُهم، فيقول: فعلتُ كذا وكذا، فيقول: ما صنعتَ شيئاً، ثم يجيء أحدُهم فيقول: ما تركتُه حتى فرَّقتُ بينه وبين امرأته، فيُدنيه منه، ويقول: نِعمَ أنتَ!". قال الأعمش: أراه قال: "فيلتزِمُه"[[٢٦]].

[٢٦] أخرجه مسلم وأحمد، السلسلة الصحيحة:٣٢٦١.

وعن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسولُ الله "صلى الله عليه وسلم": "لا يجوزُ لامرأةٍ عطيَّةٌ إلا بإذنِ زوجِها"[[١]].

[١] صحيح سنن النسائي: ٣٥١٨.

وعنه، قال: قال رسولُ الله "صلى الله عليه وسلم": "لا يجوزُ لامرأةٍ هِبةٌ في مالها، إذا ملَك زوجُها عصمَتَها"[[٢]].

[٢] صحيح سنن النسائي: ٣٥١٧.

وعن واثلَة، قال: قال رسولُ الله "صلى الله عليه وسلم": "ليس للمرأة أن تنتهكَ شيئاً من مالها إلا بإذنِ زوجها"[[٣]].

[٣] السلسلة الصحيحة: ٧٧٥. قلت: يظهر لي أن الوالدين مستثنيان من هذا الاستئذان، لما تقدم أن من حقهما أخذ ما يحتاجانه من مالها ـ لا من مال زوجها ـ من دون علمها ولا استئذانها، والله تعالى أعلم.

وعن أسماء، أن امرأةً قالت: يا رسول الله إن لي ضُرَّةً، فهل عليَّ جُنَاحٌ إن تشبَّعت[[٤]] من زوجي غير الذي يعطيني؟ فقال: "المتشبِّع بما لم يُعطَ كلابس ثوبي زُور" متفق عليه.

[٤] أي هل عليها من حرج، لو أظهرت لضرتها كذباً بأن زوجها يعطيها وينفق عليها أكثر منها .. ولا شك أن مثل هذا التصرف ـ إضافة إلى كونه كذباً ـ مؤاده إلى الفتنة وإنزال الأذى والضرر في الزوج، لأن الأخرى ستطالب زوجها بما أعطاه لضرتها، وهذا لا يجوز. وقوله "صلى الله عليه وسلم" " المتشبِّع بما لم يُعطَ"؛ أي الذي يتظاهر بما ليس فيه ولا عنده .. وهذا الحديث يُحمل على كل من يتصف بهذه الصفة المذمومة .. فيحب أن يُحمد بما ليس فيه!

مِن حَقِّهِ عليها كذلك أن لا تَتنفَّل .. وأن لا تُدخِل أحداً بيتَه إلا بإذنِه ورِضاه[[١]].

[١] وذلك أن طاعته واستجابته إلى حاجته واجب، بينما التنفّل مندوب دون الواجب، والواجب ـ عند التزاحم والتعارض ـ مقدم على المندوب أو التنفل.

عن أبي سعيد، قال: جاءت امرأةٌ إلى رسول الله "صلى الله عليه وسلم" ونحن عنده، فقالت: زوجي صفوانُ بن المعطَّل يضربني إذا صليت، ويفطِّرُني إذا صُمتُ، ولا يصلي الفجرَ حتى تطلعَ الشمسُ. قال: وصفوان عنده. قال: فسأله عما قالت؟ فقال: يا رسولَ الله! أما قولها: يضربني إذا صليت؛ فإنها تقرأ بسورتين وقد نهيتها، قال: فقال له رسولُ الله "صلى الله عليه وسلم": "لو كانت سورة واحدة لكفَت الناس". قال: وأما قولها: يُفطِّرُني إذا صمت؛ فإنها تنطلقُ تصومُ وأنا رجلٌ شاب فلا أصبر[[٢]]، فقال رسولُ الله "صلى الله عليه وسلم": "لا تَصومُ المرأة إلا بإذنِ زوجها". وأما قولها: إني لا أصلي حتى تطلعَ الشمسُ، فإنَّا أهلُ بيت عُرف لنا ذاك، لا نكاد نستيقظ حتى تطلع الشمس، قال: "فإذا استيقظتَ يا صفوان فصلِّ"[[٣]].

[٢] أي عن الجماع. وقوله " لا تصومُ المرأة إلا بإذن زوجها"؛ محمول على صوم التطوع والنافلة، أما صيام الفرض؛ كشهر رمضان فلا إذن للزوج ولا لغيره في صيامه.

[٣] رواه أبو داود، وابن ماجه، وصححه الشيخ ناصر في المشكاة: ٣٢٦٩.

وعن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله "صلى الله عليه وسلم": "لا تصُمْ المرأةُ وبعلُها شاهِدٌ إلا بإذنه غير رمضان، ولا تأذن في بيته وهو شاهدٌ إلا بإذنه[[٤]]" متفق عليه.

[٤] أي لا تُدخل بيته أحداً ـ أيَّاً كان ـ وهو حاضر موجود إلا بإذنه وعلمه .. وهذا من حقِّ الزوج على زوجته .. وخلاف ذلك لا شك أنه مدعاة للخصومة والتنازع، والتناحر، وربما الفراق .. وتدمير البيوت، وخرابها!

وعن علي بن أبي طالب "رضي الله عنه" قال: "نهى "صلى الله عليه وسلم" عن أن تُكلَّمَ النساءُ ـ يعني في بيوتهنَّ ـ إلا بإذنِ أزواجهنَّ"[[٥]].

[٥] السلسلة الصحيحة: ٦٥٢. قلت: خلاف ذلك قد يُدخل الريب والشقاق بين الزوجين.

قال تعالى: {وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىٰ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} البقرة:٢٢٢.

وعن ابن عباس، قال: كان هذا الحي من الأنصار وهم أهل وثَنٍ مع هذا الحي من يهود وهم أهل كتاب، وكانوا يرون لهم فضلاً عليهم في العلم، فكانوا يقتدون بكثيرٍ من فعلهم، وكان من أمر أهل الكتاب: أن لا يأتوا النساءَ إلا على حَرْفٍ[[١]]، وذلك أسترُ ما تكون للمرأة، فكان هذا الحي من الأنصار قد أخذوا بذلك من فعلهم، وكان هذا الحي من قريش يشرحون النساءَ شرحاً منكراً، ويتلذذون منهنَّ مقبلات، ومدبرات، ومستلقيات

فلما قدم المهاجرون المدينة، تزوج رجلٌ منهم امرأةً من الأنصار، فذهب يصنع بها ذلك، فأنكرته عليه، وقالت: إنما كنا نُؤتَى على حَرْفٍ، فاصنع ذلك وإلا اجتنبني، حتى شَري أمرهما[[٢]]

فبلغ ذلك رسولَ الله "صلى الله عليه وسلم"، فأنزل الله "جل جلاله": {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ}. أي: مُقبلات، ومُدبرات، ومُستلقيات[[٣]].

[١] أي على جنب. وقوله " وهم أهل وثَنٍ"؛ أي وهم على الشرك، وعبدة الأوثان قبل مجيء الإسلام إليهم، ودخولهم فيه.

[٢] أي ظهرَ وعُرِف خلافهما.

[٣] صحيح سنن أبي داود: ٨٩٦.

وعن جابر، قال: كانت اليهود تقول: إذا أتى الرجلُ امرأته مِن دُبرها في قُبُلِها كان الولد أحول! فنزلت: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ}. فقال رسولُ الله "صلى الله عليه وسلم": "مقبلةٌ، ومدبرةٌ، إذا كان ذلك في الفَرْجِ" متفق عليه.

وعن ابن عباس، قال: جاء عمر بن الخطاب إلى رسولِ الله "صلى الله عليه وسلم" فقال: يا رسولَ الله! هلكتُ. قال: "وما الذي أهلكَك؟" قال: حوَّلتُ رحلي الليلة[[٤]]، فلم يرد عليه شيئاً، فأوحي إلى رسول الله "صلى الله عليه وسلم"، هذه الآية: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ}، يقول: أقبل وأدبر، واتقِ الدُّبرَ والحيضَةَ"[[٥]].

[٤] قال ابن الأثير في النهاية: كنَّ برحله عن زوجته، أراد به غشيانها في قبلها من جهة ظهرها، لأن المجامع يعلو المرأة ويركبها مما يلي وجهها، فحيث ركبها من جهة ظهرها كنى عنه بتحويل رحله ا- هـ.

[٥] رواه النسائي، والترمذي، وقال عنه حديث حسن. والحديث مخرج في كتاب "الزفاف " للشيخ ناصر.

وعن خزيمة بن ثابت: أن النبي "صلى الله عليه وسلم" قال: "إن اللهَ لا يستحي من الحق، لا تأتوا النساء في أدبارهِنَّ"[[٦]].

[٦] رواه أحمد، والترمذي، وصححه الشيخ ناصر في المشكاة: ٣١٩٢.

وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم": "ملعون من أتى امرأةً في دُبُرِها"[[٧]].

[٧] رواه أحمد، وأبو داود، صحيح الجامع: ٥٨٨٩.

وعنه، قال: قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم": "من أتى حائضاً، أو امرأةً في دُبرها، أو كاهناً فصدَّقه بما يقول، فقد كفَرَ بما أُنزِل على محمدٍ"[[٨]]. وفي رواية: "فقد برئ مما أُنزل على محمدٍ "صلى الله عليه وسلم"".

[٨] رواه الأربعة إلا النسائي، وصحَّحه الشيخ ناصر في "آداب الزفاف".

وعنه، عن النبي "صلى الله عليه وسلم" قال: "لا ينظرُ اللهُ إلى رجلٍ جامع امرأتَهُ في دُبُرِها"[[٩]].

[٩] أخرجه ابن ماجه، والبيهقي، صحيح الترغيب والترهيب: ٢٤٣١.

وعن عُقبة بن عامر، قال: قال رسولُ الله "صلى الله عليه وسلم": "لعنَ اللهُ الذين يأتونَ النساء في محاشِّهِنَّ"[[١٠]]. أي أدبارهنَّ.

[١٠] أخرجه الطبراني، صحيح الترغيب: ٢٤٢٩.

وعن خُزيمة بن ثابت، عن النبي "صلى الله عليه وسلم" قال: "إتيان النساء في أدبارهِنَّ حرامٌ"[[١١]].

[١١] أخرجه النسائي، السلسلة الصحيحة: ٨٧٣.

وعن طاوس، قال: سُئِل ابن عباس عن الذي يأتي امرأته في دُبرها؟ فقال: هذا يسألُني عن الكُفر[[١٢]].

[١٢] رواه النسائي، وصححه الشيخ ناصر، "آداب الزفاف". قوله " هذا يسألُني عن الكُفر"؛ لا يُراد به الكفر الأكبر الذي يُخرج صاحبه من الملة، وإنما أراد بالكفر كفر النِّعمة؛ حيث استبدل الخبيثَ النجس بالطيب الطاهر، وزَهِد بنعمة الطيب الطاهر وكفَرَ بها، والله تعالى أعلم.

عن ابن عباس، عن النبي "صلى الله عليه وسلم"، في الذي يأتي امرأته وهي حائض، قال: "يتصدق بدينار أو نصف دينار"[[١]].

[١] رواه أصحاب السنن، والطبراني، وصححه الشيخ ناصر،"آداب الزفاف". قلت: فإن أتاها وهي في أول حيضتها فكفارته دينار من ذهب، وإن أتاها وهي في آخر حيضتها قريبة من طهرها فكفارته أن يتصدق بنصف دينار من ذهب، والله تعالى أعلم.

عن أنس بن مالك، أن اليهود كانت إذا حاضت منهم المرأة أخرجوها من البيت ولم يؤاكلوها ولم يشاربوها ولم يجامعوها في البيت، فسُئل رسولُ الله "صلى الله عليه وسلم" عن ذلك، فأنزلَ الله "سبحانه وتعالى" {وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} إلى آخر الآية، فقال رسولُ الله "صلى الله عليه وسلم": "جامعوهنَّ في البيوتِ، واصنعوا كل شيءٍ غير النِّكاح"، فقالت اليهود ما يريد هذا الرجل أن يدعَ شيئاً من أمرِنا إلا خالفنا فيه[[١]].

[١] صحيح سنن أبي داود: ٢٣١. وقوله " واصنعوا كل شيءٍ غير النِّكاح"؛ محمول على من يجد في نفسه القدرة على أن يملك نفسه وأن لا يقع في المحظور .. أما من لا يجد في نفسه القدرة على ذلك، فالنصيحة له أن لا يتوسَّع، حتى لا يقع في المحظور .. ويجد نفسه ـ في النهاية ـ مُلزماً بأن يتصدق بدينار أو نصف دينار من ذَهَب!

وعن عائشة "رضي الله عنها"، قالت: "كان رسول الله "صلى الله عليه وسلم" يأمر إحدانا إذا كانت حائضاً أن تتَّزِرَ، ثم يُضاجِعها" متفق عليه.

وعنها "رضي الله عنها" قالت: كانت إحدانا إذا كانت حائِضاً، فأرادَ رسولُ الله "صلى الله عليه وسلم" أن يباشرها، أمرها أن تتَّزرَ في فورِ حيضتها، ثم يُباشرها. قالت: وأيكم يملكُ إربَه، كما كان النبي "صلى الله عليه وسلم" يملك إِرْبَه[[٢]] البخاري.

[٢] قال ابن الأثير في النهاية: من حديث عائشة " كان أملَكَكُم لأرَبِه"؛ أي لحاجته، تعني أنه كان غالباً لهواه. وأكثر المحدثين يروونه بفتح الهمزة والراء؛ يعنون الحاجة، وبعضهم يرويه بكسر الهمزة وسكونِ الراء، وله تأويلان: أحدهما أنه الحاجة، يُقال فيها الأرَبُ، والإرْبُ، والإِرْبَةُ، والمأرَبَةُ. والثاني: أرادت به العُضو، وعنَت به من الأعضاء الذَّكَرَ خاصَّةً ا- هـ.

وعن ميمونة، أن رسولَ الله "صلى الله عليه وسلم": كان يُباشر المرأةَ من نسائه، وهي حائض، إذا كان عليها إزارٌ إلى أنصاف الفخذين، أو الركبتين؛ تحتجز به[[٣]].

[٣] صحيح سنن أبي داود: ٢٣٩.

الطاعةُ تكون بالمعروف؛ إذ لا طاعة لمخلُوقٍ ـ مهما عَظُمَ فضلُ هذا المخلوق ـ في معصية الخالق[[١]].

[١] نؤكد على هذا المعنى ونكرره لأن من الرجال من يستغل الحق الذي أعطاه إياه الشرع استغلالاً خاطئاً؛ مما يحمله على الظلم والطغيان، ومطالبة زوجه أن تُتابعه وتُطيعه في الحرام، وفيما فيه معصية لله "سبحانه وتعالى" .. وهذا ليس له ولا لغيره؛ إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

ليعلمن النساء أن طاعةَ المرأة لزوجِها ليست على إطلاقها .. وإنما هي مقيدة بالمعروف، وفي طاعة اللهِ "سبحانه وتعالى"؛ فإذا أمرها بأمرٍ فيه معصية لله "سبحانه وتعالى" ـ كأن يأمرها بترك الصلاة، أو خلع الحجاب، أو بالاختلاط مع الرجال الأجانب وغيرها من الأمور المحرمة ـ فلا طاعة له عليها في ذلك .. كما لا يجوز لها أن تُطيعه أو تُتابعه في ذلك .. فالطاعة إنما تكون في المعروف، لا في المعصية.

قال تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا} العنكبوت:٨.

وقال تعالى: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} لقمان:١٥.

{فَلَا تُطِعْهُمَا}؛ رغم حقهما المغلظ على ابنيهما .. فمن باب أولى أن لا تُطيع المرأةُ زوجها لو أمرها بأن تُشرك بالله .. أو أي أمرٍ فيه معصية لله "سبحانه وتعالى"، فحق الخالق مُقدم على حق المخلوق، وطاعته "جل جلاله" مقدمة على طاعة المخلوق أيَّاً كان هذا المخلوق.

وفي الحديث، عن علي بن أبي طالب "رضي الله عنه" قال: قال رسولُ الله "صلى الله عليه وسلم": "لا طاعةَ في معصية الله، إنما الطاعةُ في المعروف" متفق عليه.

وعن النوَّاس بن سمعان، قال: قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم": "لا طاعة لمخلوقٍ في معصيةِ الخالق"[[٢]].

[٢] صححه الشيخ ناصر في المشكاة: ٣٦٩٦.

قال تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} البقرة:٢٣٤.

وعن أم حبيبه، قالت: قال رسولُ الله "صلى الله عليه وسلم": "لا يحلُّ لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحدَّ على ميتٍ فوق ثلاثِ ليالٍ، إلا زوج؛ فإنها تحِد عليه أربعةَ أشهرٍ وعشراً" متفق عليه.

وعن أم عطيَّةَ، قالت: "كُنَّا نُنْهَى أن نُحِدَّ على مَيِّتٍ فوقَ ثلاثٍ، إلا على زَوجٍ، أربَعَةَ أشْهُرٍ وعَشْراً، ولا نَكْتَحِلَ، ولا نَتَطَيَّبَ، ولا نَلْبَسَ ثَوباً مَصبُوغاً، إلا ثَوبَ عَصْبٍ[[١]]، وقَدْ رُخِّصَ لنا عندَ الطُّهْرِ، إذا اغتَسَلَتْ إحدَانا مِن مَحِيضِها في نُبْذَةٍ من كُسْتِ أَظفَارٍ، وكُنَّا نُنْهى عنِ اتِّباعِ الجنائزِ" متفق عليه.

[١] ثياب يمنية فيها بياض، وسواد يصبغ غزلها ثم ينسج، منار السبيل:٢/٢٨٥. وقوله " كُسْتِ أظفارٍ"؛ هما نوعان من أنواع البخور لهما رائحة جيدة ـ ليسا من جِنس الطِيب ـ تتبع بهما المرأة أثر الدَّم وموضعه لتزيل رائحته الكريهة. أقول: ويقوم مقامهما ـ في زماننا ـ "الشامبوا" أو الصابون الذي تُخالطه رائحة جيدة، والله تعالى أعلم.

عن أُمِّ مبشرٍ الأنصارية: أن النبيَّ "صلى الله عليه وسلم" خطَبَ أم مبشرٍ بنت البراء بن معرورٍ، فقالت: إني اشترطتُ لزوجي أن لا أتزوَّجَ بعده، فقال النبيُّ "صلى الله عليه وسلم": "إن هذا لا يصلُحُ"[[١]].

[١] أخرجه الطبراني، السلسلة الصحيحة: ٦٠٨.

وقوله "صلى الله عليه وسلم": "إن هذا لا يَصلُحُ"؛ يعني اشتراطها لزوجها أن لا تتزوج بعده؛ لأنه مخالف لعشرات النصوص الشرعية التي تحض على التزاوج، والتكاثر، والتناسل .. كما لا يجوز أن يُعطى هذا الشرط من الزوج لزوجته تحت عنوان الوفاء ـ كما هو دارج في هذا الزمان زمن الحب الأعوج! ـ فالوفاء لا يكون في مثل هذه المواضع، وفيما أحلَّ الله، وبخاصة إن كان سيترتب عن هذا الوفاء معصية، واستشراف للحرام

ولقوله "صلى الله عليه وسلم": "ما بالُ رجالٍ يشترطون شروطاً ليست في كتابِ الله، مَن اشترَطَ شَرْطاً ليسَ في كتابِ الله فهو باطلٌ، شَرْطُ الله أحَقُّ وأوثَق" متفق عليه.

وبعد: فإن الحقوق المتبادلة بين الزوجين، ينبغي أن تُملى بشيء من المحبة والمودة والرفق، وطِيب النفس، بعيداً عن العنف والتشدد، والاستعلاء، أو الإذلال؛ فإن الله رفيقٌ يحبُّ الرفقَ في الأمر كُلِّه، ويُجازي عليه ما لا يجازي على العنف، وإذا أحبَّ اللهُ بيتاً أدخلَ إليه الرفق والرحمة .. نسأل الله تعالى أن يُملِئ بيوتنا وبيوت جميع المسلمين بالمحبة والرفق والرحمة .. إنه تعالى سميعٌ قريب مجيب.

وبعد أن تعرفنا على حقّ الزوج على زوجته .. ننتقل بكم ـ بإذن الله ـ في الفصل القادم لنتعرف على حقِّ المرأة على زوجها.

وصلى الله على محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلَّم.