القرآن الكريم المصحف الإلكتروني إذاعات القرآن صوتيات القرآن أوقات الصلاة فهرس الموقع

حقُّ الزوجة

قال تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} النساء:١٩.

وقال تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً} النساء:٣.

وقال تعالى: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ[[١]] فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا} النساء:١٢٩.

[١] أي العدل القلبي، والميل القلبي، فهذا نوع من العدل مهما حرص الإنسان عليه فلا يستطيع القيام به، لأنه خارج عن إستطاعته وقدرته، وهو معذور لذلك. لكن هذا لا يستلزم منه أن يميل كل الميل فيأتي بأفعال وأمور ـ تنافي العدل والإنصاف بين النساء ـ يستطيع اجتنابها، فهذا ليس كالأول ولا يشمله العذر، ومن كان يقدر لا يستوي في الحكم مع العاجز الذي لا يقدر. وقوله: "فتذروها كالمعلقة"؛ أي لا هي زوجة بحق لها حقوق الزوجة، ولا هي أيم من حقها أن تطلب الزواج.

وفي الحديث: عن معاوية بن حيدة، قال: قلت: يا رسولَ الله، ما حقُّ زوجةِ أحدِنا عليه؟ قال: "أن تُطعِمَها إذا طَعِمتَ، وتَكسُوَها إذا اكتَسَيتَ، ولا تَضرِبِ الوجهَ، ولا تُقَبِّحْ[[٢]]، ولا تَهجُرْ إلا في البيتِ[[٣]]".

[٢] أي لا تقل: قبحك الله.

[٣] رواه أبو داود، والطبراني، والحاكم، صحيح الجامع: ٣١٤٩.

وعنه قال: قلت: يا رسولَ الله، نساؤنا ما نأتي منهنَّ وما نَذَر؟ قال: "ائتِ حرثَكَ أنَّى شِئتَ، وأطعِمْها إذا طَعِمتَ، واكْسُها إذا اكتَسَيتَ، ولا تُقَبِّحِ الوجهَ، ولا تَضرِبْ"[[٤]].

[٤] أخرجه أبو داود، وأحمد، السلسلة الصحيحة: ٦٨٧.

وعن عبد الله بن عمرو قال: قال رسولُ الله "صلى الله عليه وسلم": "كفَى بالمرء إثماً أن يُضَيِّعَ مَن يَقُوتُ"[[٥]]. أي مَن يُعيل من النساء، والأبناء، وغيرهم ممن يدخل في رعايته.

[٥] أخرجه أبو داود والنسائي والحاكم، صحيح الترغيب والترهيب: ١٩٦٥. قلت: ومن الضياع الذي يشمله الحديث، إهمال حقّهم عليه في التعليم والتربية، وتوجيههم التوجيه الحسَن.

وعن أبي شريح خويلد بن عمرو الخزاعي، قال: قال النبي "صلى الله عليه وسلم": "اللهم إني أُحَرِّجُ[[٦]] حقَّ الضعيفين: اليتيم، والمرأة"[[٧]].

[٦] أي ألحق الحرج؛ وهو الإثم بمن ضيع حقهما، وأحذر من ذلك تحذيراً بليغاً وازجر عنه زجراً أكيداً. قاله النووي: رياض الصالحين، ص ١٤٦، ط المكتب الإسلامي.

[٧] رواه الحاكم والنسائي، صحيح الجامع: ٢٤٤٧.

وعن عمرو بن الأحوص الجشمي، أنه سمع النبيَّ "صلى الله عليه وسلم" في حَجَّة الوداع يقول بعد أن حمد الله وأثنى عليه ووعظ، ثم قال: "ألا واستوصوا بالنساء خيراً، فإنما هنَّ عَوانٍ[[٨]] عندكم، ليس تملكون منهنَّ شيئاً غير ذلك[[٩]]، إلا أن يأتين بفاحشةٍ مُبَيِّنة، فإن فعلْنَ فاهجروهنَّ في المضاجع واضربوهنَّ ضَرْباً غيرَ مُبَرِّحٍ، فإن أطعنكم فلا تَبْغُوا عليهنَّ سبيلاً[[١٠]]، ألا إن لكم على نسائكم حقّاً ولنسائكم عليكم حقّاً؛ فحقكم عليهن أن لا يُوطِئن فرشكم مَن تكرهون ولا يأذنَّ في بيوتكم لمن تكرهون، ألا وحقهُنَّ عليكم أن تُحسِنوا إليهنَّ في كسوتهنَّ وطعامهنَّ"[[١١]].

[٨] أي أسيرات؛ شبه رسول الله "صلى الله عليه وسلم" المرأة في دخولها تحت حكم الزوج بالأسير. قاله النووي في "رياض الصالحين".

[٩] أي غير الاستمتاع وحفظ الزوج في نفسها وماله، وما يجب عليها من خدمته، قاله الشيخ ناصر: "رياض الصالحين". قلت: وبالتالي ليس من حق الزوج أن يُطالب زوجته بالعمل أو الوظيفة، ومن ثم الإنفاق عليه، وعلى بيته، وأبنائه .. كما يفعل كثير من رجالات هذا الزمان!

[١٠] قال النووي: أي لا تطلبوا طريقاً تحتجون به عليهنَّ وتؤذونهنَّ به.

[١١] رواه الترمذي، وقال حديث حسن صحيح، رياض الصالحين: ٢٨١.

وقال "صلى الله عليه وسلم": "إن اللهَ سائلٌ كلَّ راعٍ عمَّا استرعاهُ؛ حَفِظَ أم ضيَّعَ، حتى يسألَ الرجلَ عن أهلِ بيته"[[١٢]].

[١٢] أخرجه ابن حبان، صحيح الترغيب والترهيب: ١٩٦٦.

عن ميمون الكردي، عن أبيه "رضي الله عنه" قال: سمعتُ رسولَ الله "صلى الله عليه وسلم" يقول: «أيُّما رجلٍ تزوَّج امرأةً على ما قلَّ من المهرِ أو كثُرَ، ليس في نفسه أن يؤدِّيَ إليها حقَّها؛ خدَعها، فمات ولم يؤدِّ إليها حقَّها؛ لقي اللهَ يومَ القيامة وهو زانٍ»[[١]].

[١] رواه الطبراني في الصغير، والأوسط، صحيح الترغيب والترهيب: ١٨٠٧.

وعن عقبة بن عامر "رضي الله عنه"، قال: قال رسولُ الله "صلى الله عليه وسلم": «إنَّ أحقَّ الشروطِ أن يوفَّى به، ما استحلَلْتم به الفروجَ»[[٢]].

[٢] فيه أن المهر المؤخر يجب أن يدفع كالمقدم ومن دون أن يقع الطلاق، والحديث متفق عليه.

وعن ابن عمر "رضي الله عنهما": «أن رسولَ الله "صلى الله عليه وسلم" نهى عن الشِّغار، والشِّغار: أن يزوِّجَ الرجلُ ابنتَه على أن يزوجَه الآخرُ ابنتَه وليس بينهما صِدَاق»[[٣]] أي مهر.

[٣] متفق عليه. قلت: ورد النهي عن هذا النوع من النكاح لما فيه من ظلم لحقوق الزوجة .. والحديث فيه أن المهر شرط لصحة عقد النكاح.

وعنه "رضي الله عنهما" مرفوعاً: «إن أعظمَ الذنوبِ عند الله رجلٌ تزوَّجَ امرأةً، فلمَّا قضى حاجتَه منها طلَّقها وذَهبَ بمهرها، ورجلٌ استعملَ رجلاً فذهبَ بأجرته، وآخَرُ يقتلُ دابَّةً عَبَثاً»[[٤]].

[٤] أخرجه الحاكم، السلسلة الصحيحة: ٩٩٩.

عن فاطمة بنت قيس "رضي الله عنها"، قالت: أتيتُ النبيَّ "صلى الله عليه وسلم" فقلت: أنا بنت آل خالدٍ، وإنَّ زوجي فلاناً أرسلَ إليَّ بطلاقي، وإنِّي سألتُ أهلَهُ النفقةَ والسكنى، فأبوا عليّ، قالوا: يا رسولَ الله إنه قد أرسلَ إليها بثلاثِ تطليقات، قالت: فقال رسول الله "صلى الله عليه وسلم": «إنما النفقةُ والسَّكنى للمرأة إذا كان لزوجها عليها الرَّجعةُ»[[١]].

[١] أخرجه النسائي، وأحمد، السلسلة الصحيحة: ١٧١١.

عن المقدام بن معدي كرب "رضي الله عنه"، أن رسولَ الله "صلى الله عليه وسلم" قامَ في الناسٍ فحمدَ اللهَ وأثنى عليه، ثم قال: «إن اللهَ يوصيكم بالنساء خيراً، إن اللهَ يوصيكم بالنساء خيراً؛ فإنهنَّ أمهاتُكم، وبناتُكم وخالاتُكم، إن الرجلَ من أهلِ الكتابِ يتزوجُ المرأةَ وما يعلُقُ يَداها الخيطَ، فما يرغبُ واحدٌ منهما عن صاحبه حتى يموتا هَرَماً»[[١]].

[١] أخرجه الطبراني، السلسلة الصحيحة: ٢٨٧١. قلت: وفي الحديث دلالة على إنصاف الحق، والثناء عليه خيراً .. والترغيب به .. ولو كان صاحب هذا الحق كافراً .. وعادة تمسك الرجل من أهل الكتاب بزوجته عادة حسنة قديمة .. أما اليوم ـ وبخاصة في بلاد الغرب ـ فأحدهم لا يُبالي أن يتزوج اليوم، ويُطلِّق غداً .. هذا غير الخليلات اللاتي يُشركهن في الفراش مع زوجته في الحرام .. يُمارس ذلك على أعلى مستويات طبقات المجتمع! وقولُه «وما يعلُقُ يَداها الخيطَ»؛ قال في النهاية: كناية عن صغر سنّها وفقرها ـ ا هـ. قلت: ولا يُستبعد أن يكون كناية عن قلة الصداق والمهر الذي يعطيه الرجل منهم للمرأة.

وعن أبي هريرة "رضي الله عنه"، قال: قال رسولُ الله "صلى الله عليه وسلم": «لا يَفرَكُ مؤمنٌ مؤمنةً، إن كَرِه منها خُلُقاً رضي منها آخر»[[٢]]. مسلم.

[٢] أي لا يبغضها إلى حد الطلاق.

وعن سمرة "رضي الله عنه"، قال: قال رسولُ الله "صلى الله عليه وسلم": «إن المرأةَ خُلِقَت من ضِلعٍ، وإنَّك إن تُرِدْ إقامةَ الضلع تكسرها، فدارِها تعِشْ بها»[[٣]].

[٣] كسرها: طلاقها، وفيه دلالة على الرفق واجتناب العنف والشدة عند تقويمها وترشيدها للصواب.

[٤] رواه أحمد، وابن حبان، والحاكم، صحيح الجامع: ١٩٤٤.

وعن أبي هريرة "رضي الله عنه"، قال: قال رسولُ الله "صلى الله عليه وسلم": «إن المرأةَ خُلِقت من ضِلعٍ، لن تستقيم لك على طريقةٍ، فإن استمتعتَ بها استمتعت بها وبها عِوَجٌ، وإنْ ذهبتَ تُقيمها كسرتَها، وكَسْرُها طلاقُها»[[٥]].

[٥] أخرجه مسلم، وابن حبان، وأحمد، السلسلة الصحيحة: ٣٥١٧.

وعن عائشة "رضي الله عنها"، قالت: قال رسولُ الله "صلى الله عليه وسلم": «إن النساءَ شقائِقُ الرجال»[[٦]].

[٦] رواه أحمد، صحيح الجامع: ١٩٨٣. هكذا ينبغي أن تكون العلاقة بين الزوجين «شقائق»؛ ومن دون ظلم أو استعلاء طرف على آخر!

وعن إياس بن عبد الله "رضي الله عنه"، قال: قال رسولُ الله "صلى الله عليه وسلم": «لا تضربوا إمَاءَ الله». فجاء عمر "رضي الله عنه" إلى رسولِ الله "صلى الله عليه وسلم"، فقال: ذئِرن النساءُ على أزواجهنَّ، فرخَّص في ضربهنَّ، فأطافَ بآل رسولِ الله "صلى الله عليه وسلم" نساءٌ كثير يشكون أزواجَهنَّ، فقال النبيُّ "صلى الله عليه وسلم": «لقد طافَ بآلِ محمد نساءٌ كثير يشكونَ أزواجَهنَّ، ليس أولئكَ بخيارِكم»[[٧]].

[٧] ذئِرن: أي اجترأن على الرجال وتطاولن عليهم .. وأساؤوا فهم نهي النبي "صلى الله عليه وسلم" عن ضربهن! رواه أبو داود، وابن ماجه، والحاكم، صحيح الجامع: ٥١٣٧. وانظر صحيح سنن أبي داود: ١٨٧٩. وقوله «ليس أولئكَ بخياركم»؛ أي ليس أولئك الذين يضربون نساءهم ويُسيئون معاملتهنَّ من خيار المسلمين، وهؤلاء كذلك قد أساؤوا فهم ترخيص النبي "صلى الله عليه وسلم" بضرب النساء الناشزات اللاتي ذئرن على أزواجهنَّ ضرباً غير مبرِّحٍ .. لذا لا بد للمرء أن يكون فقيهاً؛ متى يستخدم الشدة، ومتى يدع، وما هو القدر النافع من الشدة وما هو القدر الضار منها .. فإن لم يكن فقيهاً في ذلك كله؛ فنصوص الشريعة تُلزمه حينئذٍ بأن يأخذ بخيار الرفق .. فهو الأسلم والأنفع له؛ لأن يُخطئ في الرفق خير له ألف مرة من أن يُخطئ في استخدام العنف والشدة.

وعن عبد الله بن زُمعَةَ "رضي الله عنه"، قال: قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم": «يعمدُ أحدُكم فيجلدُ امرأتَه جلْدَ العبدِ، فلعلَّه يُضاجِعُها في آخرِ يومه!!». متفق عليه.

[٩] أي جلداً مبرحاً كما يجلد العبد .. وهذا لا يجوز ولا يليق .. ولا ينبغي أن يكون بين الأزواج، والنبي "صلى الله عليه وسلم" ذكر ذلك على وجه الكراهة والاستقباح!

وعن سعد بن أبي وقاص "رضي الله عنه"، قال: لما كان من أمرِ عثمان بن مظعون الذي كان من تركِ النساء، بعث إليه رسول الله "صلى الله عليه وسلم"، فقال: «يا عثمان إني لم أومَر بالرهبانيَّة؛ أرغبتَ عن سُنتي؟!» قال: لا يا رسولَ الله، قال: «إن من سُنتي أن أصلي وأنامَ، وأصومَ وأَطعَم، وأنكِحَ وأطلِّقَ، فمن رَغِب عن سُنتي فليس مني، يا عثمان إن لأهلك عليك حقَّاً، ولنفسكَ عليك حقَّاً»[[١٠]].

[١٠] أخرجه الدارمي، السلسلة الصحيحة: ٣٩٤.

وعن أنس "رضي الله عنه"، أن نفراً من أصحاب النبيِّ "صلى الله عليه وسلم"، سألوا أزواج النبي "صلى الله عليه وسلم" عن عمله في السِّرِّ، فقال بعضهم: لا أتزوَّجُ النساءَ، وقال بعضهم: لا آكلُ اللحمَ، وقال بعضهم: لا أنامُ على فراشٍ، فحمدَ الله وأثنى عليه، فقال: «ما بالُ أقوامٍ قالوا كذا وكذا؟ ولكني أُصلي وأنام، وأصومُ وأفطر، وأتزوَّجُ النساءَ، فمن رَغِبَ عن سُنَّتي فليس مني». مسلم.

وعن أبي هريرة "رضي الله عنه"، قال: قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم": «إذا كانت عند الرجل امرأتان، فلم يعدل بينهما، جاء يومَ القيامة وشِقُّهُ ساقِطٌ»[[١]].

[١] رواه الترمذي، والحاكم، صحيح الجامع: ٧٦١. وقوله «وشِقُّهُ ساقِطٌ»؛ أي ونصفه ساقط مائل، فكما أنه مال في الحياة الدنيا إلى إحدى زوجاته دون الأخرى، يُعاقب يوم القيامة على رؤوس الأشهاد ـ ليُعرف ظلمه ـ بسقوط نصفه وميله؛ إذ العقوبة من جنس العمل!

وعنه "رضي الله عنه"، قال: قال رسولُ الله "صلى الله عليه وسلم": «من كانت له امرأتان، فمالَ إلى إحداهما، جاء يومَ القيامةِ وشِقُّه مائِلٌ»[[٢]].

[٢] رواه أحمد، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، صحيح الجامع: ٦٥١٥. وقوله «فمالَ إلى إحداهما»؛ أي على حساب حق الأخرى .. فيما يملكه ويقدر عليه.

وقال "صلى الله عليه وسلم": «إن المُقْسطِين عند الله على منابرَ من نورٍ، عن يمين الرحمن عز وجل، وكِلتا يديه يمينٌ، الذين يعدلون في حُكمهم وأهلِيهم، وما وَلُوا». مسلم.

عن أنس "رضي الله عنه"، قال: قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم": «إذا تزوَّجَ البِكرَ على الثيِّب أقام عندها سبعاً، وإذا تزوَّج الثيِّبَ على البِكر أقامَ عندها ثلاثاً»[[١]] أي ثلاثة أيامٍ.

[١] أخرجه البيهقي وغيره، السلسلة الصحيحة: ١٢٧١.

عن المقدام بن معدي كرب "رضي الله عنه"، قال: قال رسولُ الله "صلى الله عليه وسلم": «ما أطعمتَ زوجتَكَ فهو لك صدقةٌ، وما أطعمتَ ولدَك فهو لك صدَقةٌ، وما أطعمتَ خادمَك فهو لك صدقة، وما أطعمتَ نفسكَ فهو لك صدقة»[[١]].

[١] على أن يُسبق بنيه الإخلاص لله تعالى، وأنه عمل لوجه الله تعالى. والحديث رواه أحمد، والطبراني، صحيح الجامع: ٥٥٣٥.

وعن عمرو بن أمية الضُمري "رضي الله عنه"، قال: قال رسولُ الله "صلى الله عليه وسلم": «ما أعطى الرجلُ امرأتَه فهو صدقةٌ»[[٢]].

[٢] رواه أحمد، صحيح الجامع: ٥٥٤٠.

وعن سعد بن أبي وقاص "رضي الله عنه"، أن رسولَ الله "صلى الله عليه وسلم" قال له: «وإنَّك لن تُنفقَ نفقةً تبتغي بها وجه اللهِ إلا أُجِرتَ بها حتى ما تجعلُ في فِيّ امرأتِكَ»[[٣]].

[٣] أي ما تجعل في فمها من طعام وشراب، والحديث: متفق عليه.

وعن أبي هريرة "رضي الله عنه"، قال: قال رسولُ الله "صلى الله عليه وسلم": «خيارُكم خيارُكم لنسائهم»[[٤]].

[٤] رواه ابن ماجه، صحيح الجامع: ٣٢٦٥. والحديث أفاد معنى جميلاً، حيث حدد مقياساً لمعرفة خيرية الرجل وفضله؛ وذلك من خلال ظهور وانعكاس خيره على أهله ونسائه؛ فعلى قدر خيريته لنسائه على قدر ما يكون من الخيار والفضلاء .. ويُتوقع منه الخير للآخرين .. وعلى قدر ما يقل خيره على نسائه على قدر ما تقل درجته بين الخيار والفضلاء .. ويُتوقع منه الشحَّ وقلة الخير على الآخرين!

وعنه "رضي الله عنه"، قال: قال رسولُ الله "صلى الله عليه وسلم": «دينارٌ أنفقتَه في سبيلِ الله، ودينارٌ أنفقته في رقبةٍ، ودينارٌ تصدَّقتَ به على مسكين، ودينار أنفقتَه على أهلِك؛ أعظمُها أجراً الذي أنفقتَه على أهلِك». مسلم.

[٥] أي في فك رقبة؛ وهو عتق العبد المملوك.

وعن ثوبان "رضي الله عنه"، قال: قال رسولُ الله "صلى الله عليه وسلم": «أفضلُ دينارٍ يُنفقه الرجلُ دينارٌ يُنفقُه على عيالِه». مسلم.

وعن عرباض بن سارية "رضي الله عنه"، قال: قال رسولُ الله "صلى الله عليه وسلم": «إذا سَقى الرجلُ امرأتَه الماءَ أُجِرَ»، فقمت إليها فسقيتها وأخبرتها بما سمعت[[٦]].

[٦] أخرجه البخاري في التاريخ الكبير، والطبراني، السلسلة الصحيحة: ٢٧٣٦. قلت: وأنا بدوري لما انتهيت من كتابة هذا الحديث قمت فسقيت زوجتي كوباً من الماء المصفَّى البارد، وأخبرتها ما قرأت وكتبت عن رسول الله "صلى الله عليه وسلم" .. فالعلم للعمل! ومما يُستفاد من الحديث كذلك أن الخدمة تكون من الطرفين للطرفين، وليس لزاماً أن تكون من طرف المرأة نحو زوجها وحسب!

وعن عائشة "رضي الله عنها"، قالت: قال رسولُ الله "صلى الله عليه وسلم": «خيرُكم خيرُكم لأهلِه، وأنا خيرُكم لأهلي»[[٧]].

[٧] رواه الترمذي، صحيح الجامع: ٣٣١٤. والمعنى: أن من كان فيه أو عنده خير فليُظهره أولاً على نسائه وأزواجه؛ فإن لم يُظهره على نسائه وأزواجه لا خير فيه لمن سواهنَّ .. فإن زعم بلسانه خلاف ذلك فقد كذب، وصدق رسول الله "صلى الله عليه وسلم"!

وعن ابن عباس "رضي الله عنهما"، قال: قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم": «خيركُم ، خيركُم للنساء»[[٨]].

[٨] رواه الحاكم في المستدرك، صحيح الجامع: ٣٣١٦.

وعن أبي هريرة "رضي الله عنه"، قال: قال رسولُ الله "صلى الله عليه وسلم": «أكملُ المؤمنين إيماناً أحسنُهم خُلُقاً، وخِيارُهم خِيارُهم لنسائهم»[[٩]].

[٩] رواه أحمد في مسنده، وصححه الشيخ شاكر في التخريج: ٧٣٩٦.

وعن عبد الله بن عمرو "رضي الله عنهما"، قال: قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم": «كفى بالمرء إثماً أن يضيّعَ مَن يَقوت»[[١٠]].

[١٠] أي من يعيل من النساء والأبناء، وغيرهم ممن يدخل في رعايته ومسؤوليته، والحديث: رواه أحمد، وأبو داود والحاكم، صحيح الجامع: ٤٤٨١.

وعن عائشة "رضي الله عنها" أنها سُئِلت عن النبي "صلى الله عليه وسلم" ما كان يَصنعُ في بيته؟ قالت: «كان يكون في مهنةِ أهلِه ـ تعني في خدمة أهلِه[[١١]]ـ فإذا حضرَت الصلاةُ، خرجَ إلى الصلاة». البخاري.

[١١] قلت: ومع ذلك يوجد ـ وللأسف ـ من الرجال من يعتبر العمل في البيت لخدمة أهله منقصة، وتتنافى مع الرجولة ووظائفها .. ينتظرون حتى تسود هذه العادة في بلاد الغرب، ليعتبروها أولاً ظاهرة حضارية .. ومن ثم يقومون بها .. إذا جاءهم الفعل من قبل النبيِّ "صلى الله عليه وسلم" أنفوه وترفَّعوا عنه .. بينما إذا جاءهم نفس الفعل من نصارى الغرب .. قبِلوه .. واستحسنوه .. وعدوه ظاهرة صحية وحضارية!!

ومن حقِّها عليه، أن يعلمها الدين وأن لا يكتمها علماً نافعاً ينفعها في دينها وآخرتها، يعلمه.

قال تعالى: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا} طه:١٣٢[[١]].

[١] ومن أمر الأهل بالصلاة .. تعليمهنَّ الصلاة، وكل ما يتعلق بها من شروط، وأركانٍ، وواجبات، وآدابٍ، ومستحبات.

عن عبد الله بن مسعود "رضي الله عنه"، قال: قال رسولُ الله "صلى الله عليه وسلم": «من كتمَ عِلماً عن أهله، أُلجِمَ يومَ القيامةِ لجاماً من نارٍ»[[٢]].

[٢] صحيح الجامع: ٦٥١٧.

وعن علي "رضي الله عنه"، في قوله تعالى: {قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً}، قال: علِّموا أهليكم الخيرَ[[٣]].

[٣] رواه الحاكم موقوفاً، وقال: صحيح على شرطهما، صحيح الترغيب: ١١٥.

وعن ابن عمر "رضي الله عنهما"، قال: قال رسولُ الله "صلى الله عليه وسلم": «لا تمنعوا النساءَ حظوظَهُنَّ مِن المساجِد، إذا استأذَنَّكُم»[[٤]]. مسلم.

[٤] لغرض الصلاة، ومشاهدة حلقات العلم التي تُعقد في المساجد، فطلب العلم فرض على كل مسلم ومسلمة، والجنة والنار للرجال والنساء سواء .. وليس لأحدهما دون الآخر! ومن صور منع النساء من المساجد أن يُشدد عليها في عدم إحضار أطفالها معها إلى المسجد .. فالمرأة عندما توضع بين خيارين: إما المسجد من دون الأطفال، أو الأطفال في البيت من دون المسجد .. ستختار مرغمة البقاء مع أطفالها في البيت خشية عليهم من الضياع أو أن يصيبهم نوع أذى!

وعن مالك بن الحويرث "رضي الله عنه"، قال: أتينا رسولَ الله "صلى الله عليه وسلم" ونحنُ شبَبَةٌ متقاربون[[٥]]، فأقمنا عنده عشرين ليلةً، وكان رسولُ الله "صلى الله عليه وسلم" رحيماً رقيقاً، فظنَّ أنَّا قد اشتقنا أهلَنا، فسألنا عن مَن تركنا من أهلِنا، فأخبرناهُ، فقال: «ارجعوا إلى أهليكُم؛ فأقيموا فيهم، وعلِّموهم، ومُرُوهُم فإذا حضرَت الصلاةُ فليؤذِّنَ لكم أحدُكم، ثم ليؤمَّكُم أكبرُكم». مسلم.

[٥] أي ونحن شباب متقاربون في العمر.

عن جابرٍ "رضي الله عنه"، قال: قدمتُ من سفرٍ، فأتيتُ النبيَّ "صلى الله عليه وسلم" فقال: «إذا أتيتَ أهلَك فاعمل عملاً كيِّساً». فلما أتيتُ أهلي، قلتُ: إن النبيَّ "صلى الله عليه وسلم" قال: «إذا أتيتَ أهلَك فاعمل عملاً كيِّساً»، قالت: دونك[[١]].

[١] السلسلة الصحيحة: ١١٩٠. والعمل الكيِّس: هو كل عمل شرعي مباح يرغب المرأة بزوجها ويشوقها إليه.

وعنه "رضي الله عنه"، قال: قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم": «إذا أطال أحدكم الغَيبَة، فلا يَطرقْ أهلَه ليلاً». متفق عليه[[٢]].

[٢] أقول: العلة في النهي هنا ليس بالقدوم عليهن ليلاً، وإنما بمفاجئتهن قبل علم مسبق ولو كان ذلك نهاراً، يدل على ذلك قوله "صلى الله عليه وسلم": «أمهلوا حتى ندخلَ ليلاً»، لأن دخولهم المدينة قبل حلول الليل يتحقق منه المكروه، وتحصل المفاجأة، ثم أن النهي هنا ليس للتحريم، وإنما هو أدب من آداب النبوة ندب إلى فعله.

وعنه "رضي الله عنه"، قال: كنا مع رسول الله "صلى الله عليه وسلم" في غزاةٍ، فلما قدِمنا المدينَة، ذهبنا لندخل فقال: «أمهلوا حتى ندخلَ ليلاً؛ كي تمتشِطَ الشَّعثَةُ، وتستحِدَّ المغيَّبَةُ»، قال: وقال: «فإذا قَدِمتَ، فالكَيْس الكيس»[[٣]].

[٣] الشَّعثَة: ذات الشعر المنبوش المتفرق، حتى تمتشط وتزين نفسها لزوجها. تستحِدَّ: أي تتمكن المرأة التي غاب عنها زوجها زمناً طويلاً من إزالة شعر عانتها. الكَيْس: العقل، والمراد: إذا قدمت للجماع، فالزم العقل واستعمله، احذر أن تقع في المحظور والمكروه بسبب طول عزوبتك. والحديث رواه مسلم.

وعن أنسٍ "رضي الله عنه"، قال: «كان النبيُّ "صلى الله عليه وسلم" لا يطرُقُ أهلَه؛ كان لا يدخل إلا غدوةً أو عشية». البخاري[[٤]].

[٤] أي لا يُفاجئهم بمجيئه من دون أن يُشعرهم به قبلاً.

وعن ابن عمر "رضي الله عنهما"، أن رسول الله "صلى الله عليه وسلم" أقبل من غزوةٍ فقال: «يا أيها الناس! لا تطرقوا النِّساءَ ليلاً، ولا تغتروهنَّ»[[٥]].

[٥] السلسلة الصحيحة: ٣٠٨٥. وقوله «ولا تغتروهُنَّ»؛ أي لا تدخلوا عليهن فجأة على حين غرّة؛ فترون منهن ما لا يسركم، وهو كذلك يؤذي المرأة الصالحة التي لا تحب أن يرى منها زوجها ما يُسيئها ويُسيئه من كآبة المنظر، وعدم التزين والتجمل، والظهور بالمظهر الجميل اللائق.

ومن تلك الآداب والحقوق: حسن الملاطفة، والملاعبة، وممارسة اللهو المباح .. وهذا من تمام حسن المعاشرة التي أمر اللهُ ورسولُه "صلى الله عليه وسلم" بها.

عن عائشة زوج النبي "صلى الله عليه وسلم" "رضي الله عنها" قالت: دخل الحبشةُ المسجدَ يلعبون، فقال لي: «يا حُمَيْراء أتحبين أن تنظري إليهم؟»؛ يعني إلى لعب الحبشةَ ورقصِهم في المسجد، فقلتُ: نعم، فقام على الباب، وجئته، فوضعتُ ذقني على عاتِقه، فأسندتُ وجهي إلى خدِّه، قالت: ومن قولهم يومئذٍ: أبا القاسم طَيِّباً، فقال رسولُ الله "صلى الله عليه وسلم": «حسبُكِ؟»، فقلت: يا رسول الله لا تعجل، فقام لي، ثم قال: «حسبُكِ؟»، فقلت: لا تعجل يا رسولَ الله! قالت: وما لي حبُّ النظر إليهم، ولكني أحببتُ أن يبلغَ النساءَ مقامُه لي، ومكاني منه[[١]].

[١] أخرجه النسائي وغيره، السلسلة الصحيحة: ٣٢٧٧. وقوله «يا حميراء»؛ تصغير الحمراء، يريد البيضاء، كما في النهاية.

وعنها "رضي الله عنها"، قالت: كُنتُ مع رسولِ الله "صلى الله عليه وسلم" في سفرٍ، وأنا جارية، قالت: لم أحمل اللحمَ، ولم أُبْدِنْ، فقال لأصحابه: تقدموا، فتقدموا، ثم قال: «تعالي أسابقُك»، فسابقتُه، فسبقتُه على رجلَي، فلما كان بعدُ، خرجتُ معه في سفرٍ، فقال لأصحابه: تقدَّموا، ثم قال: «تعالي أسابِقُك»، ونسيت الذي كان، وقد حملتُ اللحمَ، وبدَّنتُ، فقلت: كيف أسابقك يا رسولَ الله وأنا على هذه الحال؟ فقال: «لتفعَلِن»، فسابقته، فسبقني، فجعل يضحكُ، ويقول: «هذه بتلكَ السَّبقةِ»[[٢]].

[٢] أخرجه النسائي في «عشرة النساء»، وأحمد، والطبراني، وغيرهم، وصححه الشيخ ناصر في «آداب الزفاف».

وعنها "رضي الله عنها" قالت: «كُنتُ أشربُ وأنا حائضٌ، ثم أناولُه النبيَّ "صلى الله عليه وسلم"، فيضع فاهُ على موضِعِ فِيَّ، فيشرَبُ، وأتَعَرَّقُ العَرْقَ وأنا حائضٌ ثمَّ أناولُهُ النبيَّ "صلى الله عليه وسلم"، فيضعُ فاهُ على موضِعِ فِيَّ». مسلم.

وعن جابر بن عبد الله "رضي الله عنهما"، عن النبي "صلى الله عليه وسلم" قال: «كلُّ شيءٍ ليس من ذكر الله عز وجل فهو لغوٌ، ولهو أو سهو إلا أربعُ خصالٍ: مشيُ الرجلِ بين الغرَضين، وتأديبُه فرسَه، وملاعبتُه أهله، وتعلُّم السِّباحةِ»[[٣]].

[٣] أي مشيه بين موضع الرماية ليأخذ سهامه ثانية، وبين الموضع أو المكان الذي يرمي من عنده .. هذا الذي يظهر لي، والله تعالى أعلم. أخرجه النسائي في كتاب «عشرة النساء»، والطبراني، السلسلة الصحيحة: ٣١٥.

وبعد: فليعلم الجميع أن الرابطة والوشيجة التي تجمع بين الزوجين، هي أسمى وشيجة ورابطة بعد وشيجة ورابطة العقيدة والدين، فليحافظا عليها بطاعة الله وطاعة رسوله "صلى الله عليه وسلم"

فإن نزغ الشيطانُ بينهما وتنازعا في شيء، فيردَّا ما تنازعا فيه ـ برضى وطواعية واستسلام ـ إلى كتابِ الله تعالى، وسُنَّةِ رسوله "صلى الله عليه وسلم"، وهذا من لوازم الإيمان، كما قال تعالى:

{فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} النساء:٥٩.

وأقول كذلك: من لوازم نجاح الحياة الزوجية أن ينظر كل طرفٍ من الزوجين إلى ما له وما عليه من الحقوق والواجبات .. فالمشاكل غالباً ما تقع عندما ينظر كل واحدٍ من الزوجين إلى ما له من الحقوق .. من دون أن ينظر ما عليه من الواجبات، وما للطرف الآخر عليه من حقوق!

نسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يرزقنا وإياكم زوجاتٍ صالحاتٍ وأزواجاً صالحين، وأن يجعل بيوتنا عامرةً بذكره وطاعته، وأن يرزقنا فيها السكينة والمودة والرحمة، إنه وليُّ ذلك والقادر عليه، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.