القرآن الكريم المصحف الإلكتروني إذاعات القرآن صوتيات القرآن أوقات الصلاة فهرس الموقع

حقُّ المسلم

من حقِّ المسلم على أخيه المسلم، أن يردَّ عليه السلام، ويُشمِّتَهُ[[١]] إذا عطسَ، ويجيبَ دعوتَه إذا دعاه، وأن يعودَهُ إذا مرض، ويتبع جنازتَه إذا مات .. وأن ينصرَه ـ في الحق ـ ويذبَّ عنه وعن عِرضه وحرماته الأذى والعدوان في ظهر الغيب كما في حضرته، وأن ينصح له، ويألم لألمه، ويفرح لفرحه، ويحبَّ له ما يحبُّ لنفسه من خيرٍ.

[١] أي يقول له: "يرحمك الله"، بعد أن يقول العاطس: "الحمد لله"، فإذا لم يحمد الله، لا يشمت، كما سيرد معنا في الحديث.

قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} الحجرات:١٠.

وقال تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} التوبة:٧١.

وقال تعالى: {وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ} الحجرات:١٢.

وفي الحديث، عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله "صلى الله عليه وسلم": "للمؤمِن على المؤمن ستُّ خِصالٍ: يعودُه إذا مرضَ، ويشهَدُه[[٢]] إذا مات، ويُجيبُه إذا دعاه[[٣]]، ويُسلِّم عليه إذا لقيَه، ويُشمِّتُه إذا عطَسَ، ويَنصحَ[[٤]] له إذا غاب أو شَهِد"[[٥]].

[٢] أي يشهد الصلاة عليه، ويشهد جنازته ودفنه.

[٣] إلى طعام أو وليمة عرس أو عقيقة، ونحو ذلك.

[٤] المراد بالنصح هنا: إرادة الخير له، وإعانته عليه، ودفع الأذى والضرر عنه، في غيبته وحضرته سواء، وقوله: "يعوده"؛ أي يزوره.

[٥] رواه مسلم، والنسائي، وأبو داود.

وعن البراء بن عازِبٍ قال: "أمرَنا رسولُ الله "صلى الله عليه وسلم" بسبعٍ: أمرنا بعيادةِ المريضِ، واتباعِ الجنائزِ، وتَشميتِ العاطِس، وإبرارِ القسَمِ أو المُقْسِمِ، ونصْرِ المظلومِ، وإجابةِ الدَّاعي، وإفشاءِ السَّلامِ .."[[٦]].

[٦] متفق عليه. وقوله " وإبرارِ القسَمِ أو المُقْسِمِ"؛ أي يبر قسم أخيه المسلم ما استطاع ولا يجعله يحنث في يمنه، ما كان قسمه على الخير. وقوله " وإجابةِ الدَّاعي"؛ أي إذا دعاه إلى وليمة وطعام.

وعن أسماء بنت يزيد، قالت: قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم": "من ذَبَّ عن عِرضِ أخيه بالغَيبَة[[٧]]، كان حقاً على الله أن يعتِقَهُ من النَّار"[[٨]].

[٧] أي وهو غائب. وقوله: "ذب " أي دفع ورد. فإن قيل لماذا في الغيبَة؟ أقول: لأن رد المسلم عن عِرض أخيه في الغيبة دليل على صدق محبته لأخيه .. وعلى صدق مراعاته لحقه عليه .. وعلى صدق إخلاصه فيما يقوم به لله تعالى وحده .. لأن الانتصار لحرمات الأخ المسلم في غيبته لا مطمع دنيوي من ورائه .. ولأن المسلم عندما تُنتهك حرماته في غيبته .. يكون بحاجة ماسة لمن يذود عنه وعن حرماته .. بخلاف ما إذا كان حاضراً أو شاهداً فإنه قد يذود عن حرماته بنفسه .. وتقل الحاجة للمساعدة!

[٨] رواه أحمد، والطبراني، صحيح الجامع: ٦٢٤٠.

وعن أبي الدرداء، قال: قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم": "مَن ردَّ عن عِرضِ أخيه، ردَّ اللهُ عن وجهِه النارَ يومَ القيامةِ"[[٩]].

[٩] رواه أحمد، والترمذي، صحيح الجامع: ٦٢٦٢.

وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم": "المؤمنُ مرآةُ المؤمنِ، والمؤمنُ أخو المؤمِن، يكفُّ عليه ضَيعَتَهُ[[١٠]]، ويحوطُه[[١١]] من ورائه"[[١٢]].

[١٠] أي معاشه، كما في "النهاية"، والمراد: أنه يمنع عن أخيه تلف معاشه وسبب رزقه.

[١١] أي يحفظه في أهله ونفسه وماله عند غيابه.

[١٢] صحيح سنن أبي داود: ٤١١٠.

وعن أبي هريرة، قال: "المؤمنُ مرآةُ أخيه؛ إذا رأى فيه عَيباً أصلَحَهُ"[[١٣]].

[١٣] صحيح الأدب المفرد: ١٧٧.

وعن تميم الداري، قال: قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم": "إنَّ الدينَ النَّصيحةُ، إنَّ الدينَ النصيحةُ، إنَّ الدينَ النَّصيحةُ"، قالوا: لمن يا رسولَ الله؟ قال: "لله[[١٤]]، وكتابِه[[١٥]]، ورسولِه[[١٦]]، وأئمَّةِ المؤمنين وعامَّتهِم[[١٧]]، وأئِمَّةِ المسلمين وعامَّتِهم"[[١٨]].

[١٤] النصيحة لله تكون: بعبادته وتوحيده وطاعته ظاهراً وباطناً، وأن لا تشرك به شيئاً.

[١٥] والنصيحة لكتاب الله تعالى تكون: بالإيمان به، وبتلاوته وتدبره، والعمل بما جاء فيه، والانتهاء عما نهى عنه.

[١٦] والنصيحة لرسوله "صلى الله عليه وسلم" تكون: بطاعته، واتباعه، والإحتكام إليه، ومحبته، وتوقيره وذبِّ الأذى عن عِرضه، وعن سنته "صلى الله عليه وسلم".

[١٧] النصيحة لأئمة المؤمنين وعامتهم، تكون: بمحبتهم وأن لا يضمر لهم إلا خيراً، وأن لا يرشدهم ويدلهم إلا إلى الخير، وأن يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة، وأن يذود عنهم وعن حرماتهم وأعراضهم بنفسه وماله، وأن يطيع الأئمة المسلمين في المعروف، وما لم يأمروه بمعصية الله؛ فإن أمروه بمعصية الله فلا طاعة لهم عليه.

[١٨] رواه مسلم، والنسائي، وأبو داود، صحيح سنن أبي داود: ٤١٣٥. أقول: من لوازم النصح، وحتى تؤتي النصيحة ثمارها وأُكلها يجب أن تُحاط النصيحة بالعلم بالمنصوح وبما يُنصَح به، وبالتقوى، والعدل الذي يُلزم صاحبه بإنصاف المنصوح من غير توسع ولا غلو أو جفاء .. وكذلك أن تُحاط النصيحة بالإخلاص، والأدب .. بعيداً عن التجريح الشخصي ما أمكن .. فإن ذلك أدعى لقبول النصيحة عند المنصوح .. وأن يُراعى فيها الوقت والمكان المناسبين لإسدال النصيحة .. إذ كثيرون هم الذين لا يُراعون هذه الضوابط والآداب فيُسيئون أكثر مما يُحسنون .. باسم النصيحة والتناصح .. ثم يحسبون أنفسهم أنهم ممن يُحسنون صنعاً!

وعن أنس، قال: قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم": "انصُرْ أخاكَ ظالماً أو مظلوماً"، فقال رجلٌ: يا رسول الله أنصُرهُ مظلوماً، فكيف أنصره ظالماً؟ قال: "تمنعُه من الظُّلمِ، فَذاكَ نَصرُكَ إيَّاه" متفق عليه[[١٩]].

[١٩] أقول: أما أن تنصر أخاك في الباطل كما تنصره في الحق، كما هو شأن التحزبات والعصبيات الجاهلية المعاصرة، فهذا ما لا يقره الإسلام ولا يرضاه.

وعن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسولُ الله "صلى الله عليه وسلم": "المسلمون تتكافأ[[٢٠]] دماؤهم، يسعى بذمَّتهم أدناهم، ويُجيرُ[[٢١]] عليهم أقصاهم، وهم يدٌ على مَن سواهُم، يَردُّ مُشِدُّهُم[[٢٢]] على مُضعِفهم، ومُتَسَرِّعِهم[[٢٣]] على قاعِدهم، لا يُقتَلُ مؤمنٌ بكافرٍ، ولا ذُو عهدٍ في عهده"[[٢٤]].

[٢٠] أي تتساوى في الحرمة والقصاص.

[٢١] يحمى ويضم إليه ويجير من كان دمه هدراً بسبب كفره وحربه، أقول: مالم يكن المجار قد أحدث حدثاً يستلزم عليه القصاص والحد، فحينها لا تجوز إجارته، وحمايته من حدود الله، لقوله "صلى الله عليه وسلم": "من آوى محدثاً فعليه لعنة الله والناس أجمعين". ولأنه من التعاون على الإثم والعدوان.

[٢٢] أي قويهم.

[٢٣] وفي رواية: "ومتسريهم"، وهو المجاهد الذي يجاهد في سبيل الله.

[٢٤] صحيح سنن أبي داود: ٢٣٩١.

وعن جابرٍ، أن النبي "صلى الله عليه وسلم" ، قال: "ما من امرئٍ يَخذُلُ امرءاً مسلماً في موطنٍ يُنتقصُ فيه عِرضُه، ويُنتهكُ فيه من حُرمَتِه، إلا خذَلَه اللهُ تعالى في موطنٍ يُحبُّ فيه نصرَتَهُ، وما مِن أحدٍ ينصرُ مُسلماً في موطنٍ يُنتقَصُ فيه من عِرضهِ، ويُنتهكُ فيه من حُرمتِه، إلا نصرَهُ اللهُ في موطنٍ يُحبُّ فيه نصرتَهُ"[[٢٥]].

[٢٥] رواه أحمد، وأبو داود، صحيح الجامع: ٥٦٩٠.

وعن أنس، قال: قال رسولُ الله "صلى الله عليه وسلم": "والذي نفسي بيده لا يؤمنُ عبدٌ حتى يُحبَّ لأخيه ما يحبُّ لنفسِه" متفق عليه[[٢٦]].

[٢٦] وقوله: "لا يؤمن"؛ أي لا يكتمل إيمانه، وفي الحديث دلالة على أن الإيمان يزداد بالطاعات، وينقص بالذنوب والمعاصي.

وعنه مرفوعاً: "مَنْ نصَرَ أخاهُ بالغيبِ نصَرَهُ اللهُ في الدنيا والآخرة"[[٢٧]].

[٢٧] رواه البيهقي في الشعب، وغيره، السلسلة الصحيحة: ١٢١٧.

وعن أبي هريرة، عن النبي "صلى الله عليه وسلم" قال: "إذا عطَس أحدُكم فليقلْ: الحمدُ لله على كلِّ حالٍ، وليقل أخوه أو صاحبُه: يرحمُك الله، ويقول هو: يهديكُم الله ويُصلِح بالَكُم"[[٢٨]].

[٢٨] رواه البخاري، وأبو داود، صحيح سنن أبي داود: ٤٢٠٩.

وعن أنس، قال: عطَس رجلان عند النبي "صلى الله عليه وسلم"، فشمَّتَ أحدَهما وتركَ الآخر، قال: فقيل: يا رسول الله! رجلان عطسا فشمَّتَ أحدَهما وتركتَ الآخر؟ فقال: "إن هذا حَمِدَ اللهَ، وإن هذا لم يحمد الله" متفق عليه.

عن سهل بن سعد، قال: قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم": "المؤمنُ من أهلِ الإيمان بمنزلة الرأسِ من الجسد، يألَمُ المؤمنُ لما يُصيبُ أهلَ الإيمان، كما يألَمُ الرأسُ لما يصيبُ الجسدَ"[[١]].

[١] رواه أحمد، صحيح الجامع: ٦٦٥٩.

وعن النعمان بن بشير، قال: قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم": "ترى المؤمنين في تراحُمِهم وتوادِّهم، وتعاطُفِهم، كمثلِ الجسدِ إذا اشتكى عضواً[[٢]] تداعى لهُ سائرُ الجسدِ بالسَّهرِ والحُمَّى" متفق عليه[[٣]].

[٢] مفعول به لفاعل مستتر تقديره هو، وتقدير الكلام: إذا اشتكى الجسدُ عضواً.

[٣] أقول: لو طبق المسلمون هذا الحديث فقط في واقعهم وحياتهم العملية، لتغير حالهم المشين إلى أعز وأحسن حال.

وعنه، قال: قال رسولُ الله "صلى الله عليه وسلم": "المؤمنون كرجلٍ واحدٍ، إذا اشتكى رأسَهُ اشتكى كلُّه، وإن اشتكى عينَهُ اشتكى كلُّه"[[٤]].

[٤] رواه أحمد ومسلم، صحيح الجامع: ٦٦٦٨. وقوله " المؤمنون"؛ أي كل المؤمنين اياً كانت جنسياتهم وأوطانهم ولغاتهم، وألوانهم .. لا يُمكن إلا أن يكونوا في تكافلهم وتعاونهم وتعاضدهم كرجلٍ واحد.

عن أبي هريرة، عن النبي "صلى الله عليه وسلم"، قال: "مَن نَفَّسَ عن مُسلِمٍ كُربَةً من كُرَب الدنيا، نفَّسَ اللهُ عنه كُربةً من كُرَبِ الآخرةِ، ومَن سَترَ على مسلمٍ ستره الله في الدُّنيا والآخرِة، واللهُ في عونِ العبدِ ما كان العبدُ في عونِ أخيه"[[١]].

[١] رواه مسلم، والترمذي، وأبو داود، وابن ماجه، صحيح سنن أبي داود: ٤١٣٧.

وعن ابن عمر، أن رسول الله "صلى الله عليه وسلم" قال: "المسلمُ أخو المسلمِ لا يَظلِمهُ ولا يُسْلِمه[[٢]]، ومن كان في حاجةِ أخيه، كان اللهُ في حاجته[[٣]]، ومن فرَّج عن مسلمٍٍ كُربةً فرَّجَ اللهُ عنه كُربةً من كُرَبِ يومِ القيامة، ومن سَترَ مُسلماً سَترهُ اللهُ يومَ القيامة" متفق عليه.

[٢] أي لا يتخلى عنه ولا يتركه للظلم والقهر، والفقر والجوع .. ولعدوان المعتدين.

[٣] أي من سعى في قضاء حاجة أخيه المسلم، قضى له حاجته؛ فالجزاء من جنس العمل.

وعنه، قال: قال رسولُ الله "صلى الله عليه وسلم": "أحبُّ الناس إلى اللهِ أنفَعُهم[[٤]]، وأحبَّ الأعمال إلى الله "سبحانه وتعالى" سرورٌ تُدخِلُه على مسلمٍ، أو تَكشُفَ عنه كربةً، أو تقضي عنه ديناً، أو تَطرُدَ عنه جوعاً، ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجةٍ أحبَّ إلي من أن أعتكِفَ في المسجد شَهراً، ومن كفَّ غضبَه سترَ اللهُ عورتَه، ومن كظَمَ غيظاً ، ولوشاء أن يُمضيَه أمضاه، ملأ اللهُ قلبَه رِضىً يومَ القيامة، ومن مشى مع أخيه المسلم في حاجةٍ حتى يُثبِتَها له، أثبتَ اللهُ تعالى قدَمَه يومَ تزِلُّ الأقدامُ، وإنَّ سوءَ الخلقِ ليفسِدَ العملَ كما يُفسِدُ الخلُّ العسلَ"[[٥]].

[٤] أي أنفعهم لنفسه وأهله وعامة المسلمين، والناس أجمعين .. فبذلك يتفاضل الناس ويتمايزوا .. وليس بجنسياتهم، ولا لغاتهم، ولا قومياتهم، ولا أحسابهم ولا نسبهم .. فنسب المرء الذي ينفعه ويرفعه ـ في الدنيا والآخرة ـ عمله.

[٥] رواه الطبراني، صحيح الجامع: ١٧٦.

وعن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله "صلى الله عليه وسلم": "أفضلُ الأعمالِ أن تُدخِلَ على أخيكَ المؤمن سروراً، أو تقضي عنه ديناً، أو تُطعمَهُ خُبزاً"[[٦]].

[٦] صحيح الجامع: ١٠٩٦.

عن ابن المكندر يرفعه إلى النبيِّ "صلى الله عليه وسلم": "من أفضلِ الأعمالِ إدخالُ السرورِ على المؤمنِ؛ تقضي عنه ديناً، تقضي له حاجةً، تنفِّسَ له كُربةً".

قال سفيان بن عُيينة: وقيل لابن المنكَدِرِ فما بقي مما يُستَلَذُّ؟ قال: الإفضالُ على الإخوان[[٧]].

[٧] أخرجه البيهقي في شعب الإيمان، السلسلة الصحيحة: ٢٢٩١.

وعن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله "صلى الله عليه وسلم": "إنَّ اللهَ "سبحانه وتعالى" يقول يومَ القيامة: يا ابنَ آدمَ مَرِضتُ فلم تَعُدْني، قال: يا رب كيف أعودُكَ وأنت ربُّ العالمين، قال: أما علِمتَ أنَ عبدي فلاناً مَرِضَ فلم تَعُدْهُ، أما علمتَ أنَّكَ لو عُدتَهُ لوجدتني عندَه! يا ابنَ آدمَ استطعمتُكَ فلَم تُطعمنِي، قال: يا ربِّ! و كيف أطعمُكَ وأنتَ ربُّ العالمينَ؟ قال: أما عَلمتَ أنَّهُ استطعَمَكَ عَبدِي فلان فَلَم تُطعِمْهُ؟ أمَا عَلمتَ أنَّكَ لو أطعَمتَهُ لَوَجدتَ ذلك عِندِي؟ يا ابن آدم! استسقيتُكَ فَلَم تُسقِني، قال: يا ربِّ! كَيفَ أَسقِيكَ وَأَنتَ رَبُّ العَالَمينَ؟قال: استَسقَاكَ عَبدِي فُلانُ فَلَم تَسْقِهِ، أَمَا إِنَّك لَو أَسقَيتَهُ وَجَدتَ ذلكَ عندي"[[٨]] مسلم.

[٨] قوله " استطعمتك .. استسقيتك"؛ أي سألتك الطعام والسقاء.

وعن أمامة، عن النبي "صلى الله عليه وسلم" قال: "من شَفِعَ لأخيه بشفاعةٍ[[٩]]، فأهدى له هديَّةً عليها فقبِلَها، فقد أتى باباً عظيماً من أبوابِ الرِّبا"[[١٠]].

[٩] أي من توسط له ـ عند الجهات المختصة المسؤولة ونحوها ـ لقضاء حاجة، أو حل مشكلة، أو تفريج كرب .. ثم هو قَبِلَ منه هديته كنوع مقابلة لشفاعته وموقفه معه فقد أتى باباً عظيماً من أبواب الربا .. وفي الحديث دلالة على خطورة مهنة المحاماة؛ حيث أن المحامي ـ غير أنه في الغالب قد يضطر للتحاكم إلى شريعة الطاغوت!!ـ لا يتشفع لحل أي مشكلة من مشاكل الناس عند القضاء ـ مهما كان صاحب المشكلة محتاجاً أو مكروباً أو فقيراً ـ إلا بعد أن يشترط لنفسه المبلغ الذي يريد .. ولا شك أن من كان هذا وصفه وحاله فهو أشد جرماً ممن أهدي له ـ كنوع مقابلة لشفاعته ـ من دون أن يطلب، وقد صح عن النبي "صلى الله عليه وسلم" ، أنه قال: "سيكون قوم يأكلون بألسنتهم، كما تأكل البقرة من الأرض".

[١٠] رواه أحمد، وأبو داود، صحيح سنن أبي داود: ٣٠٢٥.

وعن عبد الله بن عمر قال: قال رسولُ الله "صلى الله عليه وسلم": "إنَّ لله أقواماً اختصَّهم بالنَّعمِ لمنافع العبادِ، يُقرُّهم فيها ما بذَلوها، فإذا مَنعُوها نزعَها منهم؛ فحوَّلها إلى غيرِهم"[[١١]].

[١١] رواه ابن أبي الدنيا والطبراني، صحيح الترغيب: ٢٦١٧.

وعن ابن عباس قال: قال رسولُ الله "صلى الله عليه وسلم": "ما مِن عبدٍ أنعمَ اللهُ عليه نعمةً فأسبغها عليه، ثم جعلَ من حوائجِ الناس إليه فتبرَّمَ؛ فقد عرَّضَ تلك النعمةَ للزوال"[[١٢]].

[١٢] رواه الطبراني، صحيح الترغيب: ٢٦١٩. وقوله " تبرَّم"؛ أي أعرَض ونأى بجانبه عن مساعدتهم.

وفي الأثر عن عبد الله بن عمر، أنَّ عمر بن الخطاب "رضي الله عنه" قال عامَ الرَّمادة ـ وكانت سَنةٌ شديدةٌ مَلمَّةٌ، بعدما اجتهدَ عمر في إمداد الأعراب بالإبل والقمح والزيت من الأرياف كلها مما جَهدَها ذلك، فقام عمر يدعو، فقال: اللهمَّ اجعل رزقَهم على رؤوسِ الجبالِ، فاستجابَ اللهُ له وللمسلمين، فقال حين نزلَ به الغيثُ: "الحمدُ لله، فوالله لو أنَّ الله لم يُفرِّجها ما تركتُ أهلَ بيتٍ من المسلمين لهم سَعةٌ إلا أَدخَلْتُ معهم أعدادَهم من الفقراء؛ فلم يكن اثنان يَهلَكان من الطعامِ على ما يُقيمُ الواحد"[[١٣]].

[١٣] صحيح الأدب المفرد: ٤٣٨. وقوله" فلم يكن اثنان يَهلَكان من الطعامِ على ما يُقيمُ الواحد"؛ أي لا يهلك اثنان بسبب الجوع وقِلَّة الطعام إذا تقاسما فيما بينهما الطعام الذي يُقيم ويكفي الشخص الواحد منهما، فطعام الواحد يكفي الاثنين، وطعام الاثنين يكفي الأربعة.

فَضلُ مَن زارَ أخاً له في الله؛ لا يَبتغي من زِيارَته له سِوى مرضاةِ اللهِ تعالى[[١]].

[١] وإن كانت العادة في هذا الزمان أن تكون غالب زيارات الناس بعضهم لبعض، لغايات ومصالح دنيوية، ومآرب شخصية .. ولا حول ولا قوة إلا بالله!!

عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله "صلى الله عليه وسلم": "مَن عادَ مريضاً، أو زارَ أخاً له في الله، ناداه منادٍ: أنْ طِبتَ وطابَ ممشاكَ، وتبوَّأتَ من الجنةِ منزلاً"[[٢]].

[٢] رواه الترمذي، وابن ماجه، صحيح الجامع: ٦٣٨٧.

وعن عليٍّ، عن النبي "صلى الله عليه وسلم" قال: "ما من مُسلم يعودُ مسلماً غَدوةً[[٣]]، إلا صلى عليه سبعون ألفَ ملَكٍ حتى يُمسي، وإن عادَه عَشيَّةً، صلى عليه سبعون ألف ملَكٍ حتى يُصبحَ، وكان له خريفٌ في الجنة"[[٤]].

[٣] أي صباحاً.

[٤] رواه الترمذي، صحيح الجامع: ٥٧٦٧. وقوله: "خريف في الجنة"؛ أي حائط من نخل في الجنة، كما في "النهاية".

وعن جابر بن عبد الله، قال: سمعتُ النبيَّ "صلى الله عليه وسلم" يقول: "مَن عادَ مريضاً خاضَ في الرحمة، حتى إذا قعدَ استقرَّ فيها"[[٥]].

[٥] صحيح الأدب المفرد: ٤٠٧.

وعن أبي هريرة، عن النبيِّ "صلى الله عليه وسلم": "أنَّ رجلاً زارَ أخاً له في قريةٍ أخرى، فأرصَدَ اللهُ له على مَدْرَجَتِه ملَكاً، فلما أتى عليه، قال: أين تُريد؟ قال: أريدُ أخاً لي في هذه القريةِ، قال: هل لكَ عليه من نعمةٍ تَرُبُّها[[٦]]؟ قال: لا؛ غير أني أُحبُّه في الله "جل جلاله"، قال: فإنِّي رسولُ اللهِ إليك؛ بأنَّ اللهَ قد أحبَّك كما أحببتَهُ فيه" مسلم.

[٦] أي هل لك عليه من دين أو مالٍ تريد أن تستوفيه وتسترده منه، أو نعمة تسعى في صلاحها؟

وعن ثَوبان مولى رسولِ الله "صلى الله عليه وسلم"، عن رسولِ الله "صلى الله عليه وسلم" قال: "من عاد مريضاً، لم يزَلْ في خُرْفَةِ الجنة حتى يرجِعَ". قيل: يا رسول الله وما خُرفةُ الجنَّة؟ قال: "جَنَاهَا[[٧]]" مسلم.

[٧] جناها؛ أي ثمارها ونعيمها.

عن المِقدام بن مَعدي كَرِب، قال: قال النبيُّ "صلى الله عليه وسلم": "إذا أحبَّ أحدُكُم أخاه، فليُعلِمه أنه أحبَّه"[[١]].

[١] أخرجه أبو داود، والترمذي، والحاكم، صحيح الأدب المفرد: ٤٢١.

وفي رواية: "إذا أحبَّ الرجلُ أخاه فليُخبرهُ أنه يحبُّه"[[٢]].

[٢] رواه الترمذي، وأبو داود، صحيح سنن أبي داود: ٤٢٧٣. قلت: لأن إخباره وإعلامه مما يزيد المحبة بين الأخوين، ويقويها .. وهو المراد.

وعن أنس بن مالك قال: مرَّ رجلٌ بالنبيِّ "صلى الله عليه وسلم" وعنده ناسٌ، فقال رجلٌ ممن عنده: إنِّي لأحبُّ هذا لله، فقال النبيُّ "صلى الله عليه وسلم": "أعلَمْتَهُ؟"، قال: لا، قال: "فقم إليه فأعلِمْهُ"، فقام إليه فأعلَمَهُ، فقال: أحبَّك الذي أحببتني له. قال: ثم رجعَ إلى النبيِّ "صلى الله عليه وسلم" فأخبره بما قال، فقال النبيُّ "صلى الله عليه وسلم": "أنتَ مع من أحببتَ، ولك ما احتسَبتَ"[[٣]].

[٣] رواه عبد الرزاق في المصنف وغيره، السلسلة الصحيحة: ٣٢٥٣. وقوله " ولك ما احتسَبتَ"؛ أي من أجر مبادأتك له بالإخبار والإعلام.

وعن أنسٍ، قال: قال النبيُّ "صلى الله عليه وسلم": "ما تحابَّا الرجلان إلا كانَ أفضلُهما أشدَّهُما حُبَّاً لصاحبه"[[٤]].

[٤] صحيح الأدب المفرد: ٤٢٣.

وعن أبي الدرداء مرفوعاً: "ما من رجلين تحابَّا في الله بظهرِ الغيبِ؛ إلا كانَ أحبُّهما إلى الله أشدَّهما حُبَّاً لصاحِبه"[[٥]].

[٥] أخرجه الطبراني، السلسلة الصحيحة: ٣٢٧٣.

وعن أبي أُمامَة مرفوعاً: "ما أحبَّ عبدٌ عبداً لله إلا أكرمَهُ الله "سبحانه وتعالى""[[٦]].

[٦] أخرجه أحمد، السلسلة الصحيحة: ١٢٥٦.

وعن معاذ بن جبل، قال: "إذا أحببتَ أخاً فلا تُمارِه، ولا تُشارِه، ولا تسأل عنه؛ فعسى أن توافِيَ له عدواً، فيُخبركَ بما ليس فيه، فيُفرِّق بينك وبينه"[[٧]].

[٧] صحيح الأدب المفرد: ٤٢٤. وقوله " فلا تُمارِه"؛ أي فلا تُجادله الجدال الذي مؤداه للخصومة وإغارة الصدور. وقوله " ولا تُشارِه"؛ والمشاراة من اللجاجة؛ أي لا تكن لجوجاً ولحوحاً في مراجعتك له إن كان لك عليه حقاً، أو لك عنده حاجة .. والأثر شمل على جملة من آداب الصحبة حري بكل صديقين متحابين في الله أن يراعياها فيما بينهما، إن أرادا لصحبتهما الدوام.

وعن أبي هريرة قال: "يُبصِرُ أحدُكم القَذاةَ في عينِ أخيه، وينسى الجِذْل ـ أو الجِذْعَ ـ في عين نفْسِه"[[٨]].

[٨] صحيح الأدب المفرد: ٤٦٠. وقوله " القذاة"؛ أي الشيء الدقيق الذي يقع في العين، من قشٍّ صغير، أو غبار، أو طينٍ ونحو ذلك. والجِذل؛ أي الخشبة الكبيرة المرتفعة. وهذا الأثر يُضرَب كمثل فيمن ينشغل بعيوب إخوانه على دقتها وصغرها، وينسى عيوب نفسه على ضخامتها وعِظَمِها!

عن أبي هريرة، عن النبيِّ "صلى الله عليه وسلم" قال: "والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنَّةَ حتى تُسْلِموا، ولا تُسْلِموا حتى تحابُّوا، وافشوا السلامَ تحابُّوا، وإياكُم والبُغضَةَ؛ فإنها هي الحالقة، لا أقولُ لكم: تحلقُ الشَّعرَ، ولكن تحلق الدينَ"[[١]].

[١] صحيح الأدب المفرد: ١٩٧.

وعنه، قال: قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم": "لا تدخلوا الجنَّةَ حتى تُؤمنوا، ولا تُؤمنوا حتى تَحابُّوا، ألا أدلُّكُم على شيءٍ إذا فعلتموه تحاببتُم؟ أفْشُوا السلامَ بينكُم" مسلم.

وعن أبي أمامة "رضي الله عنه"، قال: قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم": "إنَّ أوْلى الناسِ بالله من بدأَهم بالسَّلامِ"[[٢]]. وفي رواية عند الترمذي: قيل يا رسولَ الله الرجُلانِ يلتقيان أيُّهما يبدأُ بالسَّلامِ؟ قال: "أولاهما بالله تعالى". أي أقربهما إلى الله وأحبهما إليه.

[٢] رواه أبو داود وغيره، صحيح الترغيب والترهيب: ٢٧٠٣.

وعن أبي هريرة، عن النبي "صلى الله عليه وسلم" قال: "إذا لقي أحدُكم أخاهُ فليُسلِّم عليه، فإن حالَ بينهما شجرةٌ أو جِدارٌ أو حجرٌ ثمَّ لقيَهُ فليُسلِّم عليه"[[٣]].

[٣] صحيح سُنن أبي داود: ٤٣٣٢.

وعن أنس بن مالك "رضي الله عنه"، قال: "كنا إذا كنَّا معَ رسولِ الله "صلى الله عليه وسلم" فتُفَرِّقُ بيننا شجرةٌ؛ فإذا التقينا يُسلِّمُ بعضُنا على بعضٍ"[[٤]].

[٤] رواه الطبراني، صحيح الترغيب والترهيب: ٢٧٠٦.

وعن عبد الله بن عمرو: أن رجلاً سألَ رسولَ الله "صلى الله عليه وسلم": أيُّ الإسلامِ خير؟ قال: "تُطعِمُ الطَّعامَ، وتَقرأُ السَّلامَ على من عَرفتَ ومن لم تعرف" مسلم.

وعن الأغرِّ ـ أغرِّ مُزينَةَ ـ "رضي الله عنه" قال: كان رسول الله "صلى الله عليه وسلم" أمرَ لي بجَرِيبٍ من تمرٍ عند رجلٍ من الأنصار، فمَطَلني به، فكلمت فيه رسولَ اللهِ "صلى الله عليه وسلم"، فقال: "أُغدُ يا أبا بكرٍ؛ فخُذ له تَمْرَهُ". فوعدني أبو بكرٍ المسجدَ إذا صلينا الصُّبحَ، فوجدتُه حيثُ وعدني، فانطلقنا، فكلما رأى أبو بكرٌ رجُلاً من بعيدٍ سلَّم عليه، فقال أبو بكر "رضي الله عنه": أما تَرى ما يصيبُ القومُ عليكَ من الفضل؟ لا يسبِقُكَ إلى السَّلام أحدٌ. فكنا إذا طَلِعَ الرجلُ من بعيدٍ بادرناه بالسَّلام قبلَ أن يُسلِّمَ علينا"[[٥]].

[٥] رواه الطبراني، صحيح الترغيب: ٢٧٠٢. وقوله: "أما تَرى ما يصيبُ القومُ عليكَ من الفضل؟"؛ أي بسبب أنهم يُبادرونك السلام قبل أن تُبادرهم؛ فيكونون بذلك لهم زيادة فضل عليك .. فاحرص أن لا يسبقك إلى السلام أحد!

وعن بُشَيْر بن يسار قال: "ما كان أحدٌ يبدأ ـ أو يبدرُ ـ ابن عمر السلامَ"[[٦]]. أي كان هو دائماً يُبادرهم السلام، فيكون هو السابق والبادئ!

[٦] صحيح الأدب المفرد: ٧٥٣. قلت: كثير من مشاكل المسلمين في هذا الزمان وللأسف ـ وكثير من الدعاة ليسوا بمنأى عن ذلك ـ سببها لماذا فلان لا يبدأني السلام أولاً .. لماذا يريدني أو ينتظرني أن أبدأه السلام .. لماذا لا يبدأ هو .. قد بدأته بالسلام قبل سنة وهو لم يردها عليَّ فلم يبدأني بالسلام .. وهكذا يتسع الخرق .. ويحصل الشقاق والفراق .. وكأن الذي يبدأ أخاه بالسلام منقَصَة بحقه ومَصْغَرَة له، ولا يدرون أن البادئ يكون هو الأفضل عند الله تعالى، وهو الأحب إليه .. ويكون هو الأولى بالاقتداء بسنة النبي "صلى الله عليه وسلم" وسُنة وأخلاق أصحابه .. ولا حول ولا قوة إلا بالله!!

وعن الطُّفيل بن أُبي بن كعب: أنه كان يأتي عبدَ الله بن عمر فيغدو معه إلى السوقِ، قال: فإذا غدونا إلى السوق لم يمرَّ عبدُ الله بن عمر على سقَّاطٍ ـ الفقير الذي يبيع سَقَطَ المتاع ورديئه ـ ولا صاحب بيعة، ولا مسكينٍ، ولا أحدٍ إلا ويُسلِّمُ عليه! قال الطُّفَيل: فجئتُ عبدَ الله بن عمر يوماً، فاستَتْبَعَني إلى السوق، فقلت: ما تصنعُ بالسوقِ، وأنت لا تقِفُ على البيعِ، ولا تسألُ عن السِّلَعِ، ولا تَسومُ بها، ولا تجلسُ في مجالس السوق، فاجلس بنا هنا نتحدَّث؟! فقال لي عبد الله: "يا أبا بطنٍ ـ وكان الطفيل ذا بطنٍ ـ إنما نغدو من أجل السَّلام؛ نُسلِّمُ على من لقينا"[[٧]].

[٧] صحيح الأدب المفرد: ٧٧٠.

عن البراء بن عازب، قال: قال رسولُ الله "صلى الله عليه وسلم": "ما من مُسلِمَينِ يلتقيانِ فيتَصافحَانِ إلا غُفِرَ لهما قبلَ أن يفتَرِقا"[[٨]].

[٨] صحيح سنن أبي داود: ٤٣٤٣.

وعن ابن عباس، عن النبي "صلى الله عليه وسلم" قال: "إذا لقي المُسلِمُ أخاهُ المُسلِمَ، فأخذ بيدهِ فصافحَهُ، تناثرت خطاياهُما من بين أصابِعِهِما كما يتناثرُ ورقُ الشَّجَرِ بالشِّتاء"[[٩]].

[٩] السلسلة الصحيحة: ٢٠٠٤.

وعن البراء بن عازِب، قال: "من تمام التحيَّةِ أن تُصافِحَ أخاكَ"[[١٠]].

[١٠] صحيح الأدب المفرد: ٧٤٥.

وعن أنس بن مالك، قال: "كان "صلى الله عليه وسلم" إذا صافَحَ رجلاً لم يَترُك يدَهُ حتى يكونَ هو التارِك ليدِ رسولِ الله "صلى الله عليه وسلم""[[١١]].

[١١] السلسلة الصحيحة: ٢٤٨٥. وهذا من تمام وكمال تواضعه "صلى الله عليه وسلم" .. ولما في إطالة المصافحة من فضل وأجرٍ.

وعنه، قال: "كان أصحابُ النبيِّ "صلى الله عليه وسلم" إذا تَلاقَوا تَصافَحوا، وإذا قَدِموا من سفرٍ تعانَقُوا"[[١٢]].

[١٢] رواه الطبراني، السلسلة الصحيحة: ٢٦٤٧.

عن أبي هريرة، عن النبيِّ "صلى الله عليه وسلم" قال: "تهادُوا تحابُّوا"[[١٣]].

[١٣] صحيح الأدب المفرد: ٤٦٢.

وعن أنسٍ، قال: "يا بُنيَّ تباذَلُوا بينكم؛ فإنه أوَدُّ لما بينكم"[[١٤]].

[١٤] صحيح الأدب المفرد: ٤٦٣. أي تباذلوا فيما بينكم بالعطايا والهدايا؛ فإن ذلك مما يزيد الود بينكم ويُحافظ عليه.

وعن ابن عمر قال: "لقد أتى علينا زمانٌ ـ أو قال: حينٌ ـ وما أحدٌ أحقُّ بديناره ودرهمه من أخيه المسلم، ثم الآن الدينار والدرهم أحب إلى أحدنا من أخيه المسلم"[[١٥]].

[١٥] صحيح الأدب المفرد: ٨١. قلت: هذا في زمن ابن عمر "رضي الله عنهما" .. فكيف في زماننا، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

عن أم الدرداء، قالت: فإنَّ النبيَّ "صلى الله عليه وسلم" كان يقول: "دعوةُ المرء المسلم لأخيه ـ بظهرِ الغيب ـ مُستجابةٌ عندَ رأسِه ملَكٌ؛ كلما دعَا لأخيه بخيرٍ، قال الملكُ الموكَّلُ به: آمين، ولكَ بِمِثْلٍ" مسلم.

وعن أبي بكر الصديق "رضي الله عنه": "إنَّ دعوةَ الأخ في الله تُستجَاب"[[١٦]].

[١٦] صحيح الأدب المفرد: ٤٨٦.

عن أبي ذر "رضي الله عنه" قال: قال رسولُ الله "صلى الله عليه وسلم": "تبسُّمُكَ في وجهِ أخيكَ صدقةُ، وأمرُكَ بالمعروف ونهيُكَ عن المنكر صدقةٌ، وإرشادُكَ الرجلُ في أرضِ الضَّلال لك صدَقةٌ، وإماطَتُكَ الأذى والشَّوكَ والعظمَ عن الطريقِ لك صدقةٌ، وإفراغُكَ من دَلوكَ في دلو أخيكَ لك صدقةٌ"[[١٧]].

[١٧] رواه الترمذي وغيره، صحيح الترغيب والترهيب: ٢٦٨٥.

وعن أبي جُريّ الهجيمي "رضي الله عنه" قال: أتيتُ رسولَ الله "صلى الله عليه وسلم" فقلتُ: يا رسولَ الله إنا قومٌ من أهلِ الباديةِ، فعلمنا شيئاً ينفعنا الله به؟ فقال: "لا تحقِرنَّ من المعروفِ شيئاً، ولو أن تُفرِغَ من دلوكَ في إناء المُستقي، ولو أن تُكلِّمَ أخاكَ ووجهُكَ إليه مُنْبَسطٌ ..."[[١٨]].

[١٨] رواه أبو داود، والترمذي، وقال: حديث حسنٌ صحيح، صحيح الترغيب والترهيب: ٢٦٨٧.

وفي رواية للنسائي وأحمد، فقال: "لا تحقِرنَّ من المعروفِ شيئاً أن تأتيَهُ ولو أن تهَبَ صِلةَ الحبلِ، ولو أنْ تُفرِغَ من دَلوِكَ في إناء المُستَقِي، ولو أن تَلقَى أخاكَ المسلمَ ووجهُكَ بِسْطٌ إليه ـ أي منبسطٌ منطلق ـ ولو أن تؤنِسَ الوحشانَ بنفسك؛ ولو أن تهَبَ الشَّسَعَ". والشَّسَعُ: الشيء أو الخيط الذي يُربَط به النعل ويُشَد.

عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسولُ الله "صلى الله عليه وسلم": "زُرْ غِبَّاً تَزْدَدْ حُبَّاً"[[١٩]].

[١٩] رواه الطبراني، صحيح الترغيب: ٢٥٨٣. قال ابن الأثير في النهاية: الغِبُّ من أوراد الإبل؛ أن ترِدَ الماء يوماً وتدعَهُ يوماً ثم تعود، فنقلَه إلى الزيارة وإن جاء بعد أيامٍ، يُقال: غَبَّ الرجلُ إذا جاء زائراً بعد أيام. وقال الحسن: في كل أسبوع ا- هـ.

عن علي بن الحسين مرفوعاً: "إذا أحبَّ أحدُكم أخاه في الله فليُبيِّنْ له؛ فإنَّه خيرٌ في الإلفةِ، وأبقَى في المودَّةِ"[[٢٠]].

[٢٠] السلسلة الصحيحة: ١١٩٩.

عن أبي مسلم قال: قلت لمعاذ: والله إنِّي لأحبُّكَ لغير دُنيا أرجو أن أصيبَها منكَ، ولا قرابَةٍ بيني وبينَك، قال: فلأيِّ شيءٍ؟ قلتُ: لله، قال: فجذَب حبوتي، ثم قال: أبشِرْ إن كنتَ صادقاً؛ فإنِّي سمعتُ رسولَ الله "صلى الله عليه وسلم" يقول: "المتحابُّون في الله في ظلِّ العرشِ يومَ لا ظِلَّ إلا ظِلُّه، يَغبِطُهم بمكانهم النبيُّون والشُّهداءُ".

قال: ولقيتُ عُبادةَ بن الصامت فحدثتُه بحديث معاذ، فقال: سمعتُ رسولَ الله "صلى الله عليه وسلم" يقولُ عن ربِّه تبارَك وتعالى: "حَقَّت محبَّتي على المتحابِّين فيَّ، وحَقَّت محبَّتي على المتناصِحين فيَّ، وحَقَّت محبتي على المُتَباذِلين فيَّ، هم على منابِرَ من نورٍ، يغبطُهُم النَّبيُّون والشُّهداء والصِّديقُون"[[١]].

وفي رواية عنه، قال سمعتُ رسولَ الله "صلى الله عليه وسلم" يقول: "قالَ الله "عز وجل": المُتحابُّون في جَلالي لَهُم منابِرُ من نورٍ، يَغبطُهُم النبيُّون والشُّهداءُ".

[١] رواه ابن حبان وغيره، صحيح الترغيب والترهيب: ٣٠١٩. وقوله " حقت"؛ أي وجبت.

وعن ابن عباس، أن رسولَ الله "صلى الله عليه وسلم" قال: "إن لله جُلساءَ يومَ القيامة عن يمين العرشِ، وكلتا يدي الله يمينٌ، على منابرَ من نورٍ، وجوهُهم من نورٍ، ليسوا بأنبياءَ ولا شُهداء ولا صدِّيقين"، قيل: يا رسولَ الله من هم؟ قال: "هم المُتحابُّون بجلالِ الله تبارك وتعالى"[[٢]].

[٢] رواه الطبراني، صحيح الترغيب والترهيب: ٩٠٢٢.

وعن أبي الدرداء قال: قال رسولُ الله "صلى الله عليه وسلم": "ليبعثنَّ اللهُ أقواماً يومَ القيامةِ في وجوهِهِم النور، على منابِرِ اللُّؤلُؤِ، يغبِطُهُم الناسُ، ليسوا بأنبياءَ ولا شُهداءَ". قال: فجَثى أعرابيٌّ على رُكبتيْهِ، فقال: يا رسولَ الله جَلِّهم لنا نعرِفُهم؟ قال: "هم المُتحابُّونَ في الله من قبائل شتَّى، وبلادٍ شتَّى يجتمعون، على ذكرِ الله؛ يَذكرونَه"[[٣]].

[٣] رواه الطبراني، صحيح الترغيب والترهيب: ٣٠٢٥. قوله " من قبائل شتَّى، وبلادٍ شتَّى يجتمعون"؛ أي الذي جمعهم ليس الانتماء إلى القبيلة أو الوطن، أو الدولة التي ينتمون إليها، فكل منهم من قبيلة مختلفة ومن وطن مختلف، وربما له لغة مختلفة .. وإنما الذي جمعهم الإيمان والإسلام، وحبُّ الطاعة لله "عز وجل".

وعن ابن عمر قال: قال رسولُ الله "صلى الله عليه وسلم": "إنَّ لله عباداً ليسوا بأنبياء ولا شهداءَ، يغبطُهم الشهداءُ والأنبياءُ يومَ القيامةِ؛ لقربهم من الله تعالى ومجلِسهم منه"، فجثَا أعرابيٌّ على ركبتيه فقال: يا رسولَ الله! صِفهم لنا، وجلِّهم لنا؟ قال: "قومٌ من أَفناءِ الناس، من نُزَّاع القبائل، تصادقوا في الله، وتحابُّوا فيه، يضَعُ الله "عز وجل" لهم يومَ القيامةِ منابرَ من نورٍ، يخافُ الناسُ ولا يخافون، هم أولياءُ الله "عز وجل" الذين ﴿لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾"[[٤]].

[٤] أخرجه الحاكم في المستدرك، السلسلة الصحيحة: ٣٤٦٤. وقوله " من أفناء الناس"؛ أي أنهم متباعدون في مساكنهم وقبائلهم، وأوطانهم، وبلدانهم .. وانتماءاتهم الأرضية .. إلا أن بعدهم هذا لم يمنعهم من التحاب والتصادق في الله .. والاجتماع والاتحاد على طاعته وعبادته .. فأين دعاة الوطن والوطنية، والقومية، من هذا الحديث ومعانيه؟!

أصارحكم القول: أنني عندما يضمني اجتماع في غرفة متواضعة مع أخوة عِدة متحابين في الله .. كل واحدٍ منهم ينتمي إلى وطنٍ، وبلد، ولغة، ولون مختلف عن الآخر .. ما جمعهم إلا الحب في الله، والعمل على طاعته .. أدرك تفاهة وضيق النزعات العصبية الجاهلية؛ كالوطنية، والقومية، والقبلية .. التي يتقاتل على أساسها كثير من الناس .. ويعقدون فيها وعلى أساسها الولاء والبراء!!

عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله "صلى الله عليه وسلم": "كلُّ المسلمِ على المسلم حرامٌ: مالُه، وعِرْضُه، ودَمُه، حَسْبُ امرئٍ من الشرِّ أن يحقرَ أخاه المسلم" مسلم.

وعن أبي بكرة الثقفي، أنَّ رسولَ الله "صلى الله عليه وسلم"، خطبَ الناسَ[[١]] فقال: "ألا تدرون أي يُومٍ هذا؟" قالوا: الله ورسولُه أعلم، قال: "فسكتَ حتى ظننَّا أنه سيُسمِّيه بغيرِ اسمه، فقال: "أليس بيوم النحر؟" قلنا: بلى يا رسولَ الله، قال: "أي بلدٍ هذه؛ أليست بالبلدةِ الحرام؟" قلنا: بلى يا رسولَ الله، قال: "فإن دماءَكم، وأموالَكُم، وأعراضَكم، وأبشارَكم عليكم حرام، كحرمة يومِكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا، ألا هل بلَّغت؟" قلنا: نعم، قال: اللهم اشهد، فليبلِّغ الشاهدُ الغائبَ؛ فإنه رُبَّ مُبَلِّغٍ يُبلِّغُه مَن هو أوعَى له" فكان كذلك، قال: "لا ترجعوا بعدي كفَّاراً[[٢]] يَضرِبُ بعضُكم رِقابَ بعضٍ" متفق عليه.

[١] وذلك يوم حجة الوداع.

[٢] لا يُراد من الكفر هنا الكفر بالله، وإنما أريد منه كفر نعمة أخوة الإسلام؛ أي لا تكفروا هذه النعمة التي منَّ الله بها عليكم؛ فآلف بين قلوبكم، وجعلكم أخوة متحابين فيه .. فتكفرون هذه النعمة .. فتستحلون حرماتكم بغير وجه حق .. وتضربون رقاب بعضكم بعضاً!

وعن عبد الرحمن بن سعيد، أن رسول الله "صلى الله عليه وسلم" قال: "لا يحلُّ للرجلِ أن يأخذَ عَصا أخيه بغير طِيبِ نفسِه؛ وذلك لشدَّة ما حرَّم رسولُ الله "صلى الله عليه وسلم" من مالِ المسلمِ على المسلمِ"[[٣]].

[٣] رواه أحمد، والطحاوي، وابن حبان، والبيهقي، وصححه الشيخ ناصر، إرواء الغليل: ١٤٥٩.

وعن ابن عمر، قال: قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم": "المسلمُ من سلِمَ المسلمون من لسانِه ويدِه، والمهاجرُ من هجَرَ ما نهى اللهُ عنه" البخاري.

وعن ابن مسعود، قال: قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم": "سُبابُ المسلمِ فسوقٌ، وقتالُه كفرٌ"[[٤]] متفق عليه.

[٤] إن سبَّه وقاتله لدينه الإسلام، ففسوقه يُحمَل على الفسق الأكبر المخرج لصاحبه من الملة، وكذلك الكفر .. وإن سبّه وقاتله لأمور دنيوية، ومن أجل حظوظ النفس ففسوقه يُحمل على الفسق الأصغر؛ فسق دون فسق لا يخرج صاحبه من الملة، وكذلك الكفر، يُحمل على الكفر دون كفر.

وعن معاذ بن أنس، قال: قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم": "من ضيَّق منزلاً، أو قطع طريقاً، أو آذى مؤمناً، فلا جهادَ له"[[٥]].

[٥] رواه أحمد، وأبو داود، صحيح الجامع: ٦٣٧٨. فلا يغتر المجاهد بجهاده، ولينظر أين هو من إخوانه المسلمين؛ فأدنى إساءة لهم قد تبطل أجر جهاده وهو لا يعلم فالحذر الحذر فالمجاهد إذ يُجاهد يُجاهد ليدفع الأذى والضرر عن المسلمين وعن حرماتهم وأعراضهم لا لكي يؤذيهم أو ليجلب لهم الضرر والأذى

كما أن في الحديث ـ وغيره من الأحاديث التي ذُكرت أعلاه ذات العلاقة بحرمة المسلم ـ عِظة وعبرة لأولئك الذين يستهينون بحرمات ودماء المسلمين لأتفه الأسباب، ومن أجل صعلوك أو بضعة صعاليك من صعاليك الكفر ـ لا يقدمون ولا يؤخرون، قتلهم موطن اختلاف وتشابه ـ قد يُزيلون ويفجرون عمارة بكاملها على من فيها من المسلمين وغيرهم من ذوي الأنفس البريئة المعصومة شرعاً!

وعن أبي بكرة، قال: سمعت رسول الله "صلى الله عليه وسلم" يقول: "إذا تواجه المسلمان بسيفَيهِما فالقاتلُ والمقتولُ في النار"، قال: قيل: يا رسولَ الله هذا القاتلُ فما بالُ المقتولِ؟ قال: "إنه قد أرادَ قتلَ صاحبه" مسلم.

وعنه، أن رسولَ الله "صلى الله عليه وسلم" قال: "إذا شهَرَ المسلمُ على أخيهِ سلاحاً؛ فلا تزالُ ملائكةُ الله تلعنُه حتى يَشيمَهُ عنه"[[٦]].

[٦] السلسلة الصحيحة: ٣٩٧٣. وقوله " حتى يَشيمَهُ عنه"، أي حتى يرفعَه عنه، ويجعل سلاحه في غمده.

وعن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله "صلى الله عليه وسلم": "إنَّ الملائكةَ لتلعنُ أحدَكُم إذا أشارَ إلى أخيه بحديدةٍ، وإن كان أخاهُ لأبيه وأُمِّه"[[٧]].

[٧] رواه أحمد، ومسلم، والترمذي، صحيح الجامع: ١٩٥٧.

وعن ابن عباس قال: نظرَ رسولُ الله "صلى الله عليه وسلم" إلى الكعبة فقال: "مرحباً بكِ من بيت، ما أعظمَكِ، وأعظمَ حُرمَتكِ، ولَلْمؤمنُ أعظمُ حُرمةً عند الله منكِ؛ إن اللهَ حرَّمَ منكِ واحدةً، وحرَّمَ من المؤمن ثلاثاً: دَمَه، ومالَهُ، وأن يُظنَّ به ظنُّ السُّوءِ"[[٨]].

[٨] أخرجه البيهقي في شعب الإيمان، السلسلة الصحيحة: ٣٤٢٠.

وعن أبي أمامة الحارثي، قال: قال رسولُ الله "صلى الله عليه وسلم": "من اقتطعَ حقَّ امرئٍ مُسلمٍ بيمينِه، فقد أوجبَ اللهُ له النارَ وحرَّمَ عليه الجنَّةَ وإن كان قضيباً من أراكٍ"[[٩]].

[٩] رواه أحمد، ومسلم، والنسائي، وابن ماجه، صحيح الجامع: ٦٠٧٦. من هذا الحديث وغيره ـ مما تقدم أعلاه ـ نستفيد حرمة اعتداء المسلم على مال أخيه المسلم تحت أي ذريعة كانت .. بما في ذلك ذريعة الجهاد .. وجمع المال من أجل الجهاد وأغراضه .. كما يفعل ويزعم البعض .. فهذا لا يجوز!

وعن أبي هريرة، عن النبي "صلى الله عليه وسلم" قال: "لا يخطبُ الرجلُ على خِطبةِ أخيه حتى ينكِحَ أو يَترُكَ" متفق عليه.

وعن ابن عمر، قال: قال رسولُ الله "صلى الله عليه وسلم": "لا يبِع الرجلُ على بيعِ أخيه، ولا يخطِبُ على خِطبةِ أخيه إلا أن يأذَن له" مسلم.

وعن أبي هريرة، أن رسول الله "صلى الله عليه وسلم" قال: "لا يَسُمْ الرجلُ على سَومِ أخيه المسلم"[[١٠]].

[١٠] رواه مسلم. وقوله: "لا يسم"، من المساومة التي تحصل بين البائع والمشتري.

وعن عقبة بن عامر، قال: قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم": "المسلمُ أخو المسلم، ولا يحلُّ لمسلمٍ باعَ من أخيه بيعاً فيه عيبٌ إلا بيَّنَه له"[[١١]].

[١١] رواه أحمد، وابن ماجه، والحاكم، صحيح الجامع: ٦٧٠٥.

وعن أُمامة بن سهل بن حنيف، قال: قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم": "علامَ يقتلُ أحدُكم أخاهُ[[١٢]]؛ إذا رأى أحدُكم من أخيه ما يعجبه فليدْعُ له بالبركةِ"[[١٣]].

[١٢] بعينه حسداً، لأن العين حق كما في الحديث.

[١٣] رواه النسائي، وابن ماجه، صحيح الجامع: ٤٠٢٠.

وعن ابن مسعود، قال: قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم": "سبابُ المسلمِ فسوقٌ، وقتالُه كُفرٌ، وحُرمةُ ماله كحُرمَةِ دمِه"[[١٤]].

[١٤] رواه الطبراني، صحيح الجامع: ٣٥٩٦. فحرمة مال المسلم ـ بنص الحديث ـ كحرمة دمه .. فكما أنه لا يجوز سفك دم المسلم بالحرام تحت أي ذريعة كانت .. كذلك لا يجوز السطو على ماله بالحرام وأخذه منه بالقوة من غير طيب نفس منه.

ثم أن الجهاد في عهد النبي "صلى الله عليه وسلم" ـ على أهميته الشديدة ـ قد مر بمراحل شدة وعسر وحاجة كما في غزوة العسرة وغيرها .. ومع ذلك لم يُعرف عن النبي "صلى الله عليه وسلم" أنه كان يأخذ من المسلمين أموالهم بالقوة لأغراض الجهاد .. وإنما كان يكتفي ـ صلوات ربي وسلامه عليه ـ بأن يرغبهم في الإنفاق في سبيل الله.

وعن ابن عمرو، قال: قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم": "سبابُ المؤمنِ كالمُشرفِ على الهلَكةِ"[[١٥]].

[١٥] صحيح الجامع: ٣٥٨٦.

وعن ابن عمر، قال: قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم": "أيما امرئٍ قال لأخيه يا كافر، فقد باء بها أحدُهما؛ إن كان كما قالَ وإلا رجعت"[[١٦]].

[١٦] أي عادت مقولته ـ التكفير ـ عليه. والحديث: رواه مسلم.

وعن أبي ذر، أنه سمع رسول الله "صلى الله عليه وسلم" يقول: "من دعا رجلاً بالكفر أو قال عدوَّ الله، وليس كذلك، إلا حارَ عليه"[[١٧]].

[١٧] رواه مسلم. وقوله" حار عليه"؛ أي عاد عليه الكفر.

وعن عبد الله بن عمر، قال: قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم": "من قال في مؤمنٍ ما ليس فيه، حُبِسَ في رَدغةِ الخبالِ حتى يأتي بالمخرجِ مما قال"[[١٨]].

[١٨] رواه أحمد، وأبو داود، والحاكم، السلسلة الصحيحة: ٤٣٧.

وعن ثابت بن الضحاك، قال: قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم": "إذا قال الرجلُ لأخيه: يا كافر؛ فهو كقتلِه، ولعنُ المؤمن كقتلِه"[[١٩]].

[١٩] رواه أحمد، والبخاري، صحيح الجامع: ٧١٠.

وعن أبي هريرة، أنه قيل: يا رسول الله ما الغيبةُ؟ قال: "ذِكرُكَ أخاكَ بما يكرهُ"، قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: "إن كان فيه ما تقولُ فقد اغتبتَهُ، وإن لم يكن فيه ما تقولُ فقد بهتَّهُ"[[٢٠]].

[٢٠] رواه الترمذي، وأبو داود، صحيح سنن أبي داود: ٤٠٧٩.

وعن سعيد بن زيد، عن النبي "صلى الله عليه وسلم": "إنَّ من أَربى الربا الاستطالةُ في عِرضِ المسلم بغير حقٍّ"[[٢١]].

[٢١] صحيح سنن أبي داود: ٤٠٨١.

وعن قيس، قال: كان عمرو بن العاص يسيرُ مع نفرٍ من أصحابه، فمرَّ على بغلٍ ميتٍ قد انتفخَ، فقال: "والله لأن يأكلَ أحدُكُم من هذا حتى يملأ بطنَهُ، خيرٌ من أن يأكُلَ لحمَ مُسلِمٍ"[[٢٢]]. أي خير من أن يغتابه ويخوض في عِرضه؛ فأكل لحم المسلم يكون بغِيبته، كما قال تعالى: ﴿وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ﴾ (الحجرات:١٢).

[٢٢] صحيح الأدب المفرد: ٥٦٥.

وعن سلَمَةَ بن الأكوع، قال: "كُنَّا إذا رأينا الرجلَ يلعَنُ أخاه رأيناه أن قد أتى باباً من الكبائر"[[٢٣]].

[٢٣] أخرجه الطبراني، السلسلة الصحيحة: ٢٦٤٩.

عن أنس بن مالك، أن النبَّي "صلى الله عليه وسلم" قال: "لا تَباغَضُوا، ولا تحاسَدُوا، ولا تدابَرُوا، وكونوا عباد الله إخواناً، ولا يحلُّ لمسلمٍ أن يهجرَ أخاه فوقَ ثلاثِ ليالٍ " متفق عليه.

وعن عائشة "رضي الله عنها"، أن رسولَ الله "صلى الله عليه وسلم" قال: "لا يكون لمسلمٍ أن يهجرَ مسلماً فوقَ ثلاثةٍ، فإذا لقيَه سلَّم عليه ثلاثَ مِرارٍ كلُّ ذلك لا يَردُّ عليه، فقد باءَ بإثمِه"[[١]].

[١] صحيح سنن أبي داود: ٤١٠٥. قلت: فيه أن ما زاد عن ثلاث مرار لا يجب على المرء .. وبالثلاث يبرأ من الإثم .. فإن زاد عليها فله أجر .. ويكون قد جاء بالمستحب، لكن لا تجب، والله تعالى أعلم.

وعن هشامٍ بن عامر الأنصاري، أنه سمعَ رسولَ الله "صلى الله عليه وسلم" قال: "لا يحلُّ لمسلمٍ أن يُصارم مسلماً فوقَ ثلاثٍ، فإنهما ناكبان عن الحق ما داما على صِرامِهما، وإن أولهما فيئاً يكون كفارته عند سبقه بالفيء، وإن ماتا على صِرامهما لم يدخلا الجنَّةَ جميعاً أبداً، وإن سلَّمَ عليه فأبى أن يقبل تسليمه وسلامَه، ردَّ عليه الملَكُ، وردَّ على الآخر الشيطانُ"[[٢]].

[٢] صحيح الأدب المفرد: ٣١١. وقوله " أولهما فيئاً"؛ أي عودة ورجعة، فبدأ صاحبه بالسلام.

وعن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله "صلى الله عليه وسلم": "لا يحلُّ لمسلمٍ أن يهجرَ أخاهُ فوقَ ثلاثٍ؛ فمن هجرَ فوقَ ثلاثٍ فمات، دخلَ النار"[[٣]].

[٣] صحيح سنن أبي داود: ٤١٠٦.

وعن أبي خِراش السُّلَمي، أنه سمع رسولَ الله "صلى الله عليه وسلم" يقول: "من هَجرَ أخاه سنةً، فهو كسفكِ دمِه"[[٤]].

[٤] صحيح الأدب المفرد: ٣١٣. وانظر صحيح سنن أبي داود: ٤١٠٥.

وعن عبد الله بن مسعود قال: قال رسولُ الله "صلى الله عليه وسلم": "لو أنَّ رجُلين دخلا في الإسلامِ فاهتَجَرَا؛ لكانَ أحدُهما خارجاً من الإسلام حتى يرجعَ؛ يعني الظالم"[[٥]].

[٥] أخرجه البزار في مسنده، السلسلة الصحيحة: ٣٢٩٤. قلت: وهذا من أشد ما قيل في عواقب هجر المسلم لأخيه المسلم، نسأل الله تعالى السلامة والعفو والعافية.

وعن أبي أيوب الأنصاري، أن رسول الله "صلى الله عليه وسلم" قال: "لا يحل لمسلمٍ أن يهجرَ أخاهُ فوقَ ثلاثة أيامٍ يلتقيان؛ فيُعرضُ هذا ويُعرضُ هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام"[[٦]].

[٦] صحيح سنن أبي داود: ٤١٠٤.

وعن أبي هريرة، عن النبي "صلى الله عليه وسلم" قال: "تُفتَّحُ أبوابُ الجنةِ كل يوم اثنين وخميس، فيُغفرُ في ذلك اليومين لكلِّ عبدٍ لا يُشرك بالله شيئاً، إلا مَن بينه وبين أخيه شَحناء، فيُقال: أَنْظِروا هذين حتى يصطلحا"[[٧]].

[٧] رواه مسلم، والترمذي، وأبو داود، صحيح سنن أبي داود: ٤١٠٨.

قال أبو داود: إذا كانت الهجرة لله، فليس من هذا بشيء، وإن عمر بن عبد العزيز: غطَّى وجهه عن رجل[[٨]].

[٨] لا بد من التنبيه هنا أنه أحياناً تستلزم الضرورة الشرعية، مقاطعة أهل الأهواء والبدع، وبالقدر الذي يردعهم عن غيهم وضلالهم وتتحقق منه المصلحة الشرعية .. فمثل هذه المقاطعة لا تندرج تحت هذه الأحاديث، كما أنها لا يجوز أن تكون ذريعة لمقاطعة من لا يستحق المقاطعة شرعاً.

وعن عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم": "إذا كنتم ثلاثةً فلا يتناجى اثنان دون الآخر حتى تختلطوا بالناس؛ من أجلِ أن يُحزِنُه" متفق عليه.

وعن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله "صلى الله عليه وسلم": "إذا لقي أحدُكُم أخاه فليسلِّم عليه، فإن حالَت بينهما شجرةٌ، أو حائطٌ، أو حجرٌ، ثم لقيه فليُسلم عليه"[[٩]].

[٩] رواه أبو داود، وابن ماجه، صحيح الجامع: ٧٨٩.

فيمن يتجسَّسُ على المسلمين[[١]].

[١] التجسس نوعان: نوع مُكفر يُخرج صاحبه من الملة؛ وصفته أن يتجسس المرء على عورات المسلمين وبخاصة منهم المجاهدين ومواطن ضعفهم أو قوتهم لصالح أعدائهم من الكفار والمشركين؛ فينصر بذلك الكافرين على المسلمين، وهذا مما يدخل في الموالاة الكبرى، كما قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ (المائدة: ٥١).

ونوع لا يُكفِّر صاحبه، ولا يخرجه من الملة، لكنه يُعد من كبائر وعظائم الذنوب؛ وصفته أن يتجسس المرء على عورات المسلمين ليكون ما يتحصل عليه من معلومات عنهم مادة للحديث في المجالس التي تسودها الغيبة والنميمة، والفكاهة والسخرية!

عن أبي برزة الأسلمي، قال: قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم": "يا معشَرَ من آمنَ بلسانه ولم يدخُلِ الإيمانُ قلبَهُ، لا تغتابوا المسلمينَ، ولا تتبعوا عوراتِهم؛ فإنه من اتَّبع عوراتِهم يتَّبِعُ اللهُ عورتَه، ومن يتبعِ اللهُ عورَتَه يفضَحْهُ اللهُ في بيتهِ"[[٢]].

[٢] صحيح سنن أبي داود: ٤٠٨٣.

وعن معاذ بن أنس الجهني، عن النبي "صلى الله عليه وسلم" قال: "مَن حمى مؤمناً من مُنافقٍ، بَعثَ اللهُ ملَكاً يحمي لحمَه يومَ القيامة من نارِ جهنَّم، ومَن رمَى مُسلِماً بشيء يريد شَينَه[[٣]] به حبسَه اللهُ على جسرِ جهنَّم حتى يخرُجَ مما قال"[[٤]].

[٣] أي تقبيحه، والإساءة إليه به.

[٤] صحيح سنن أبي داود: ٤٠٨٦.

وقال "صلى الله عليه وسلم": "إياكُم والظن فإن الظنَّ أكذَبَ الحديثِ، ولا تجسَّسُوا، ولا تحسَّسُوا، ولا تَباغَضُوا، وكونوا إخواناً" البخاري.

وعن المُسْتَوْرِد، عن النبيِّ "صلى الله عليه وسلم" قال: "من أكلَ بمسلمٍ أكلةً فإن الله يُطعمه مثلها من جهنَّم، ومن كُسِي ثوباً برجل مسلم فإن الله "عز وجل" يكسوه من جهنَّم ـ وفي رواية: يكسوه مِثلَهُ في جهنَّمَ ـ ومن قامَ برجلٍ مسلم مقام رياءٍ وسمعةٍ فإن الله يقوم به مقامَ رياءٍ وسمعةٍ يوم القيامة"[[٥]].

[٥] صحيح الأدب المفرد: ١٧٩. و السلسلة الصحيحة: ٩٣٤. والحديث فيه أن العقوبة من جنس العمل. فإن قيل: كيف تكون صفة أكله بالمسلم أكلة ..؟ أقول: مثاله الذي يتجسس على عورات المسلمين، ثم يكتب حصيلة تجسسه في تقارير ليرفعها إلى الطاغوت وجنده .. فيُعطَى على ذلك مالاً مقابل كل تقرير يكتبه .. فيأكل به، ويشتري به .. الطعام .. واللباس!

وعن أنسٍ، أن رسولَ الله "صلى الله عليه وسلم" كان قائماً يُصلِّي في بيتِه، فجاءَ رَجلٌ فاطَّلَعَ في بيتِهِ، فأخذَ رسولُ الله "صلى الله عليه وسلم" سَهماً من كِنانتِه، فسَدَّدَه نحو عينَيه حتى انصَرَفَ"[[٦]].

[٦] أخرجه البخاري في الأدب المفرد، وأحمد، وغيرهما، السلسلة الصحيحة: ٦١٢.

وعن أبي هريرة أنه سمع رسولَ الله "صلى الله عليه وسلم" يقول: "لو اطَّلَعَ في بيتِكَ أحدٌ، ولم تأذَن له، خذَفتَهُ بحصاةٍ، ففقأتَ عينَه ما كان عليكَ من جُناحٍ" متفق عليه. أي من حرجٍ.

وفي رواية: "لو أن امرأً اطَّلَعَ عليكَ بغير إذنٍ فخذَفْتَه بحصاةٍ ففقأت عينه لم يكُنْ عليكَ جُناحٌ"[[٧]] متفق عليه.

[٧] قلت هذا فيمن يحمله الفضول على حب الاطلاع على عورات المسلمين في بيوتهم بغير إذنهم، فكيف بمن يقتحم البيوت ليروع الآمنين وينتهك حرماتهم وأعراضهم وهم في بيوتهم.

عن أنس، قال: آخى رسولُ الله "صلى الله عليه وسلم" بين قريش والأنصار، فآخى بين سعد بن الربيع، وعبد الرحمن بن عوف، فقال له سعد: إن لي مالاً فهو بيني وبينك شطران، ولي امرأتان فانظر أيهما أحبُّ إليك، فأنا أطلقها، فإذا حلَّت فتزوَّجْها!! قال: بارك اللهُ لك في أهلِك ومالِك، دلُّوني؛ أي على السُّوق[[١]].

[١] رواه البخاري، والنسائي، صحيح سنن النسائي: ٣١٧٢. قلت: في الحديث مَثلان عظيمان: مَثَلٌ أعلى في الأخوة والإيثار، ومَثلٌ أعلى في العِفَّةِ، والتَّعفُّفِ عمَّا في أيدي الناس .. إنَّهم تلاميذ محمد "صلى الله عليه وسلم" .. أنْعِم بهم وأكْرِم من تلاميذ!

نسأل الله تعالى أن يغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، وأن لا يجعل فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ.

كما ونسألُه تعالى أن يوحِّدَ الشَّملَ، ويجمع الصفوف ـ على منهاج الكتاب والسُّنة، وفهم السلف الصالح ـ وأن يؤلِّف بين القلوب، ويجعل يدنا واحدةً على من سِوانا، وأن ينصرنا على أعدائنا؛ أعداء الدين، إنه تعالى سميعٌ قريب مجيب.

وصلى الله على محمد النبيِّ الأمي، وعلى آله وصحبه وسلم.